٢٨‏/١‏/٢٠١٠

كاميران حرسان: أراجيحٌ وسكر.
لم تزلْ- كسابقِ عهدِها- جميلة. تنعُمُ بكنيستين وبمقبرةٍ واحدة. هجرها
القسيسُ خلسةً إلى النسيان. هجرتها دروبُ المسيحِ وأعيادُ الفصحِ. لم أعدْ
أذكر متى؟ كانت تجيءُ إلى صوتِها أنفاسُ الخيل, إلى مرا بعها خيامُ
الرُّحَّلِ. ذكرياتي في كلِّ أزقتها, بين الصغار محمولةً على عرباتٍ,
طفولتي ،أحلامي, تكبيرُ المساجدِ و زياراتُ العيد, أبخرةٌ في معابدِ
اللون, أنوارٌ على سفوحِ الغبطة, طيبٌ في مسالكِها لهفةُ الصغار. توقظني -
فجراً فخوراً ومزدحماً - جلبةٌ , خلف الشبابيكِ لَغطٌ, صبيةٌ في أرجاءِ
اللقاء, حلقاتُ القمارِ, أراجيحُ و سكر. *** 16-7-2009

إن حفرتَ خلف المقبرةِ ستجدُ ظلالاً,
أَشْنيةً وحطامَ سفنٍ, ستجدُ أسواراً وأسسَ مدنٍ لم تكن لتصعدَ, تطفو إلى
المخيلةِ دون تسلّقٍ بأحلامها أو ارتقاءٍ بمداركها . أسئلةٌ راودت فكرَ
المستكشفِ, ذاكرة َالمكانِ المستـتر في باطنٍ أو نفقٍ يمتدُّ متشعباً عبرَ
عصورٍ غابرةٍ, فتحةٍ نخرتها الصدفةُ في سن السوق الكبير – سوقُ الأقمشةِ
الفاخرة, محمولةً من مدنٍ وممالكَ سحيقةٍ في الأزلِ, من شهواتٍ ثلاث,
تلالٍ ثلاثةٍ إلى أجسادٍ فاتنةٍ, سابحةً في ألقٍ تترَّجلُ من زهوةِ عصورٍ
خلتْ, عزلةٍ على الألم, على جبين خزفٍ, قدرٍ غيرِ مسمّى يمضي إلى أين؟ ***
26-07- 2009

كانت أحلامي تملأُ أروقة البيتِ،
شوارعَ المدينةِ وكنائسها تملأُ شبابـيكَها بأكوازِ الصنوبرِ، أسقُفَ
الروحِ بنـتفٍ بيضاء بثـلجٍ هلَّ على المدينةِ، على المنازلِ، على الطينِ
غطّى المقبرةَ بأوجهٍ استقدَمتُها من عصورٍ، أصولٍ غابرةٍ، من ميادينَ
للنحتِ كانت أسماءُ الفلاسفةِ فيها حاضرةً، تُـنيرُ ذاكرةً للوقتِ، ساحاتِ
المدُن و أرصفةَ البالِ، مكاتبها، بكلماتٍ صفراءَ فرَّت من سديمِ
المنسيِّ، عيونِ الأفقِ إلى الصلصالِ منقورةً في ألواحٍ، أوجهٍ حجريةٍ
تبناها النهرُ.

حـــوار(إلى خلفو) كان حواراً
أُحاديَّ الجانب، مُـتمدناً؛ حوارَ الشارع مع الشارع، حوارَ البابِ مع
البيتِ، مع الأرصفةِ. قوامهُ مخلوقاتٌ وهميةٌ يُفترضُ أنّـها الجنُّ، صوتٌ
مسموعٌ في الأزقةِ مُجرَّدٌ من الخوفِ،رزينٌ خفيفُ الظلِّ، ثقيلٌ، ليسَ
لحاملهِ إلا أن يطوفَ بهِ في المخيلةِ أو يلقيهِ في حُـضن الجهاتِ ليسَ
لهُ إلا أن يتدحرجَ بين فكرتين بينَ عتمةٍ وأنوارها، بينَ حلمٍ أو يقظةٍ،
بين حائطٍ وظلّهِ ممسوساً بالوَهَجِ بخمائرِ العقلِ الحكيمة.