٢٢‏/٧‏/٢٠١٠

جغرافية كردستان
كردستان كلمة كردية (آرية) مؤلفة من مقطعين (كرد) وتعني البطل أو الشجاع, وهي تسمية لشعب آري كان قبل الإسلام فرعاً من أربعة فروع تشكل في مجموعها الشعوب الإيرانية وهم الكرد، والفرس، والديلم، والجيل . وقد ظهر الأكراد منذ القدم في سفوح جبال زاغروس مجاورين شعوباً عديدة, كالعرب, والفرس, والآشوريين, والعيلاميين, والأرمن, ولايزال يعيشون حتى اليوم في مناطقهم السابقة تلك التي هاجروا إليها ودخلوا في مناطق نفوذ لشعوب أخرى, كمااغتصبت أرضهم ووزعت بين دول عديدة . أما (ستان) فتعني الأرض والسكن والكلمتان معاً تعنيان أرض الأكراد, أو أرض الأبطال, فهي تدل على موطن الكرد وبلادهم, مثلما نقول . كردستان, أرمنيستان، كرجستان، تركستان ،عربستان، هندستان، وأفغانستان، وبلوجستان وهكذا فالكلمة كردستان, هي التسمية الجغرافية لموطن الكرد أو المناطق التي ينتشرون فيها منذ عصور موغلة في القدم . ويعتقد بعد الباحثين أن الأكراد من اقدم الشعوب على وجه الأرض إن لم يكن أقدمها, وترجع أصولهم الى الغوتيين سكان جبال زاغروس, الذين يعود تاريخهم الى أربعة آلاف عام قبل الميلاد. هذا في حين يرسم شرف خان البدليسي حدود الكرد ويحدد أراضيه بدءاً من سواحل الخليج العربي أو خليج هرمز وحتى سواحل البحر المتوسط, في موقع يتوسط العرب, والفرس, والأرمن, والروم(الترك) . ويقول العالم الروسي الكبير مينورسكي: بأن الأكراد يعيشون ضمن أراضي فارس والقوقاز وتركية وإيران والعراق, وهو يقصد بذلك أن أراضيهم قد قسمت بين هذه الدول, ويلاحظ أنه لم يذكر سورية وحدها. أما مؤرخو صدر الإسلام فيعتبرون أرض الأكراد تلك التي تمتد من همدان وحتى البحر المتوسط أو موطن (تكفور) و(ابن لاوين) . والتي كانت تعرف في ذلك الوقت, بتسميات عديدة مثل, كاردونياس، باقاردا، كارادوخان، بختويخ . أما في العهد الساساني, فلم يبق ذكر لوطن يعرف بكردستان, بل اقتصرت التسمية على أجزاء من الأرض وبعض المدن تعرف بسكانها الأكراد ولها تسميات كردية . وفي هذا الوقت دخل المسلمون الى كردستان ووقعت حروب طاحنة بينهم وبين الأكراد. و الشيء ذاته جرى مع الأذربيجانيين وفي أرمينيا والجزيرة والموصل والجبال(1) وخوزستان أيضاً, فبقيت منها أسماء مثل, كوردكوه, وحصن الأكراد, وكوردكا, متداولة حتى تلك الفترة الإسلامية. وفي خلال المئة الخامسة للهجرة تم اقتطاع جزء من جبال كرمنشاه، سنانداج، شهرزور, على يد الشاه ( سليمان السلجوقي) وسميت كردستان, وأصبح هو حاكماً عليها, وكانت هذه المقاطعة من بلاد الأكراد غنية جداً ومتقدمة حضارياً, بل كانت ميزانية كردستان هذه تبلغ في عهد هذا الشاه مليونان من النقود الذهبية, وكانت بداية ولاية الشاه سليمان السلجوقي هي سنة (511) هجرية. أما الأتراك العثمانيون فقد سموا ديرسم والمناطق المجاورة لها بـ / كردستان/ ومنها انتشرت التسمية الى باقي مناطق الكرد . وفي عام التسعمائة للهجري تغنى الشاعر الكردي الملا الجزيري بكردستان فقال: أنا شعلة في ليالي كردستان أنا من شعب نزيل جنة إرم, بوطان وقد أكمل شرفخان كتابه التاريخي في عام 1005هجري وأورد فيه اسم كردستان مئات المرات, ومن هنا يبدو أن هذا الإسم كان قد انتشر بسرعة في جميع انحاء كردستان الحالية, وفي هذا السياق, جاء قول الملا الجزيري ونظمه - أنا شعلة في ليالي كردستان - ويستدل من أشعار هذا الملا العبقري أن بلاد الكرد كانت تئن – آنذاك- تحت وطأة أقدام الغزاة وأن سماءها كانت مجللة بغيوم حالكة السواد حتى في الزمن الذي عاش فيه هذا الملا الشاعر الصوفي الملهم. هذا ولقد شاهد (ثورودانجن) . مرتين موطن (الكاردوكا) الذي ارتبط اسمه ببلاد (سو) والذي كان يقع ضمن ممتلكات الإمبراطورية الآشورية الى الجنوب من بحيرة (وان) مباشرة, وحتى في عهد( شرف خان) فقد بقي اسم (سو) يطلق على احدى قلاع المنطقة جنوبي بحيرة وان .وفي اللغة الآرامية كان يقصد بالتسمية (كاردو- كازارتاي كاردو) جزيرة بوطان, والأرمن بدورهم أطلقوا على جزيرة بوطان (بختارة) اسم (بختويخ). وعلينا أن نشير بأن هذه لم تكن كلها أسماء لكردستان الحالية ومن المحتمل أنها كانت أسماء لبعض أجزاء من كردستان والتي كانت تخضع مراراً لسيطرة الشعوب الأقوى, لأن كردستان في القرون السابع والثامن والتاسع للهجرة, كانت تضم عدة إمارات إقطاعية لكل منها تسمية خاصة مثل أردلان، بابان، صوران، بادينان، بختان، غرزان، كورتكان، كردكان...الخ . كما كانت تطلق على كل تلك الإمارات والأراضي التابعة لها مجتمعة لفظة (كردستان) ويقول محمد أمين زكي بك : إن كردستان هي المنطقة الأولى التي استقرت فيها شعوب مابعد طوفان نوح, وبذلك يمكن القول أن كردستان كانت عامرة وأهلة بالسكان منذ تلك العصور السحيقة في القدم, وفي مقدمة الشعوب التي سكنتها هي لولو، كوتيون، كاشيون، خالديون، وسوباريون، والحوريون, والى الجنوب من هؤلاء كان العيلاميون وفيما عدا هؤلاء العيلاميين فإن كل هذه الشعوب تعتبر الأرومة والأصل للأكراد الحاليين. أما الميديون فقد هاجروا بعد هؤلاء الى كردستان واستقروا فيها ثم اختلطوا مع الشعوب الكردية القديمة والميديون في الأصل هم من الشعوب أو الأقوام الآرية وقد تمكنوا من دخول كردستان سلمياً على شكل مجموعات متتابعة من القبائل والعشائر الكردية التي امتهنت حياة البداوة والترحال, ثم سكنت مقاطعات أذربيجان (بختريانا) بين بحيرتي وان وأورمية حيث أطلق عليها اسم ( ميديا) وتقع الى الشرق من موطن الآشوريين وفي احتكاك مباشر معهم وقد سيطر الآشوريون على هؤلاء الميديين فيما بعد وأصبحوا رعايا الإمبراطورية الآشورية فكانوا يتكلمون لغة هندية-أوربية(آرية) وهذه اللغة هي أساس اللغة الكردية اليوم وقد انصهر الميديون ضمن المجتمع الكردي والفارسي وسكنوا لبعض الوقت في مناطق الجزيرة و/عامودا/تحديداً يقول كارلتون كون .في كتابه (كروان) القافلة:كانت (ماج)قبيلة ميدية وطقوس الديانة الميدية كلها كانت في يديها وهي من أعز القبائل وأعلاها مكانة في المجتمع الميدي ومن الجائز أن يكون الكورماج( الكورمانج)هم بقايا هذه القبيلة الميدية المتدينة والتي كانت تسكن في الموطن الميدي ثم توسعت في زحفها نحو الغرب. ويقول سبايزر : من الممكن والمقبول أن تطلق هذه الأسماء المتنوعة على شعب واحد لأن كل شعب يطلق حسب لغته اسماء معينة على الأوطان والبلدان.
عن كتاب: تاريخ كردستان تأليف: الشاعر جكر خوين
ترجمة: الأديب خالص مسور.