٤‏/١٠‏/٢٠٠٩

وكان لي نص بين عروضه، أقامه في قرية عبر زريبة للحيوانات وذلك هرباً من مضايقات ومساءلات الأمن!!
حسين أحمد: حوار مع الشاعر والكاتب المسرحي بشير ملا نواف: (الشعر الذي يتكون من لقاح نغمة موسيقية لا يموت..) بشير ملا نواف : * الحالة العامة في سوريا لا تملك قابلية التطوير . * شرمولى تعني الفراق والتشيع إلى عالم الأموات . * الشعر الذي يتكون من لقاح نغمة موسيقية لا يموت . * لا أجد فرق كبيراً بين الشعر والمسرح من حيث الجوهر. * الشعر نتاج حالة إنسانية تتكون عبر تراكمات في اللاشعور . * يبقى المحرك الأساسي في الإبداع الشعري هو عامل الحب . * نغني في السر,نعرض المسرح في السر,كل شيء في السر. نـــــــــــــص الحـــــوار : س1- من هو بشير ملا نواف..؟ بشير ملا نواف :آثرت أن يكون السؤال أين عشت طفولتك . حيث يبقى البيئة في تنشئة الشخصية من أهم عوامل تكوين بناء الإنسان ويعكس بصورة أو أخرى طابع هويته . مدينة مبنية من الطين يقسمها الشارع إلى القسمين بدأت أول الصفوف الابتدائية في القسم الجنوبي حيث المدرسة الخاصة للطائفة الكاثوليكية.وهناك أدركت الفارق الشاسع بين القسمين مدينة تحمل مواصفات ما تحمله رأس البسيط ,عشت في بيت مكتظ بالتناقضات بداً بالطريقة النقشبندية وحتى جميع الأحزاب في تلك المرحلة ,عشت نقاشات انقسام الأحزاب السياسية , إلى جانب آهات وحنين أم إلى الشمال وكسرات بين حين وآخر على بكرها الذي التهمته نيران مجهولة (سينما عامودا ) وبين قصائد جكرخوين بصوت قصائدي يلحنه الوالد حينما كان يشعر بالفراغ واللوعة . انتهيت دراستي الثانوية في عامودا ألا أن شبح تجريد الهوية صار عائقاً في سعي إلى تكميل دراستي … س2- هل يكفي للشاعر أن يعرف مفاتيح اللغة ..؟ ليكون شاعراً حداثوياً .. بشير ملا نواف :قوة الشاعر وإبداعه إضافة لشاعريته تكمن في معرفته اللغوية وتمكنه في إدراك اقتصاد اللغة وسيكولوجيتها . الشعر الذي يتكون من لقاح نغمة موسيقية لا يموت … الشعر محيط واسع كل ما كان استقباله للأنهر أكثر كل ما كان لأعماقه ومعانيه جوهراً اكبر … الشعر نتاج حالة إنسانية تتكون خلال تراكمات في اللاشعور ثم ينفجر كالينبوع في الزمن الذي يفرضها الحالة ويبقى المحرك الأساسي في الإبداع الشعري هو عامل الحب الذي بدونه لا يمكن أن يكون هناك شعرا كما يرى ملي( جزيري بأنه العنصر الخامس في تكوين المخلوقات . س 3 – برايك ما الفرق بين لغة الشعر ولغة المسرح..؟ وهل للمسرح لغة ..؟ بشير ملا نواف :إذا كان اللغة من أعظم منجزات العقل البشري على مدى التاريخ فان الشعر من دون نزاع هو مكملة هذا الانجاز في التعبير عن المشاعر والعواطف اللامتناهية . لا أجد فرق كبيراً بين الشعر والمسرح من حيث الجوهر إلا أن الشعر لا يعرف للآفاق والتخيلات حدودا وبهذا تتطلب عن هذه التغيرات للغة غير محدودة أيضا للتعبير عن هذا المتغير المتحرك . أما المسرح فهو ابتكار فني متداخل مع الأدب يملك أوسع المساحات الاجتماعية في تجسيد الرقص والشعر والموسيقا والى ما هنالك من نشاطات وصراعات نفسية وطبقية وسياسية والخ .. يمكن من خلال المسرح لدغ الوعي الاجتماعي وتخمير بذور الحب والجمال والحرية من خلال عرضه المتكامل في اللاشعور الجماهير .. س4- بالرغم من حضورك الشعري الجميل إلا أنه في الجهة الثانية ثمة انحدار باتجاه عالم المسرح ..؟؟ فماذا تقول في هذا المسألة ..؟؟ بشير ملا نواف :إنها ليست مسالة الاختيار ربما هناك دوافع أخرى قد يكون لها عامل في التراكمات اللاشعورية يدفع المرء إلى ما ينسجم مع مشاعره وأحاسيسه وهذا الموضوع جديرا بالبحث .. س5- في اعتقادي أن بشير ملا نواف برز في المشهد الثقافي الكردي كشاعر أكثر منه ككاتب مسرحي ،فهل تؤيد ما اعتقده أم تعارضني في هذا الرأي… ؟ بشير ملا نواف :اجل للشعر منابره يمكن من خلاله أن يكون الشاعر على تماس مباشر مع الجمهور في المناسبات القومية والثقافية بينما هناك في العمل الثقافي والفني أبطال مجهولون كالمخرج والمؤلف .. س6-المسرح رواية مترجمة إلى “الحركة ” .تعد المسرحية فن من أقدم الفنون الأدبية ، وأعرقها، فعمرها يعود إلى خمسة وعشرون قرناً من الزمن خاصة عند الإغريق.. بمفهوم أخر أين هو المسرح الكردي من كل هذا التاريخ الذي يبدو طويلا..؟؟ بشير ملا نواف :القصة نتاج عملية زمنية فالحياة كلها تخلف قصص لكل قصة أبطالها ونمط تفكيرها وما المسرح إلا تمثيلا وتصويراً لحالة ما يقوم الممثلون إعادتها على خشبة المسرح . ألا أن المسرح ينفرد به الإغريق دون غيرهم ليس الأكراد بل جميع الشعوب الشرق وحتى الفراعنة ليس لهم اثر في تراثهم لهذا الفن إلا القليل من الملامح المشابه للمسرح .. س7- مؤخراً أصدرت كتاباً باللغة الكردية بعنوان (من يقتل ممو ) وهو عبارة عن مجموعة نصوص مسرحية وقد ترجم إلى العربية من قبل الأستاذ: هيثم حسين كيف كان رد فعل القارئ حول ما جاء في مضمونه ..؟ ولماذا لم يصدر باللغة الكردية أصلا ..؟؟ بشير ملا نواف :كتاب ” من يقتل ممو ” عبارة عن مجموعة من مسرحيات ذو مشهد واحد . مع كل الأسف وبشدة أن قراء الكتاب الكردي يكاد يكون معدودا إلا في وسط ضيق من هذا المنطلق ترجم المجموعة إلى اللغة العربية لقراء العرب والكرد . ” من يقتل ممو ” ليس الهدف منه إعادة الملحمة بشكلها الدراماتيكي والتراثي إنما لا مست النص من زاوية أخرى ,أن ( ممو ) موجود دائما والى الأبد مادام هناك حب ومن جهة أخرى حركت موضوع الصداقة وقدسيته في البحث عن الحقيقة .. س8- كيف يفهم بشير ملا نواف النقد المسرحي ..؟ وهل هناك نقاد كرد أصلا للمسرح..؟؟ بشير ملا نواف :النقد علم بحد ذاته له مناهجه ومدارسه إني أرى انه توأم كل الإبداعات والتطور نحن بحاجة إليه أكثر مما نحتاج إلى الخبز .. س9- إلى جانب مساهماتك الوفيرة في المجلات والمواقع الانترنيتية ..هل أخذت أعمالك المسرحية الحيز التنفيذي.. اعني تماماً هل ترجمت هذه الأعمال تمثيلا على المسارح ً ..؟؟ بشير ملا نواف : أتذكر مرة قام الأستاذ: محمد رسول مع فرقة (تول هلدان )بتمثيل بعض العروض وكان لي نص بين عروضه أقامها في قرية عبر زريبة للحيوانات وذلك هروباً من مضايقات ومساءلات الأمن ونحن في زمن العولمة والمعلوماتية ..؟؟!! ليس لنا سوى يوم (نوروز ) تقدم فيها الفرق فلاشات بشكل مسرحي … نغني في السر..!! نعرض المسرح في السر ..!!كل شيء في السر ..!! س10- تتشتت كوامنك الكتابية بين عدة أجناس أدبية مثلا الشعر الغنائي ، الشعر السياسي , الدراسات الأدبية ، سيناريو مسرحيات ألا يأتي كل هذا على حساب القيمة الإبداعية عند بشير ملا نواف..؟ بشير ملا نواف :أريد أن أجيب عن سؤالك هذا بموقف للشاعر الفلسطيني محمود درويش : (إذا كان الشاعر فلسطينيا يتوجب عليه أن يكون سياسياً …. خطيباً … محرضاً …) فما بالك أن يكون الشاعر كردياً ..؟! س11- كيف يرى الكاتب بشير ملا نواف الإعلام الكردي هنا في سوريا مقارنة مع إعلام الدول المجاورة .. بمفهوم آخر هل تعتبر تلك النشرات الحزبية والمقالات الالكترونية إعلاماً حقيقياً لدى الأكراد في سوريا أم أن الإعلام الحقيقي لم يتحقق لهم بعد ,,؟ بشير ملا نواف :يبقى المحصلة تفسيراً للحالة الكردية بغض النظر عن تشتت الموقف الكردي وعدم حضوره ومع غياب الخطاب السياسي والفكر الموحد إلا أن الحالة العامة في سوريا لا تملك قابلية التطوير والمدخل إلى الإعلام اللائق ففي الاجوء السلبية مع عدم وجود صحافة حرة وحرية التفكير وقانون الأحزاب … أين يمكن للإعلام أن ينتش ببذرته في مثل هذه الأتربة ماذا يتوقع في مثل هذه الأجواء للصحافة وغيرها سوى الفرملة ومكانك راوح س12- كيف ترى ككاتب وكشاعر حال المرأة الشرقية .. بشير ملا نواف :أن قضية المرأة واضطهادها مشكلة كونية وان ما يعانيه الإنسانية من سلبيات تعود بقسط كبير إلى عبودية المرأة اضطهادها من النظام الرجولي الذي يعود تاريخ إلى سلطة الكهنة السومرين . أن خطاب المرأة عن مكنوناتها لا يكتبه إلا المرأة وان تحرير المرأة مرتبط عن قرب بالوعي الاجتماعي مجملا والمرأة خاصة. لا يتحقق إنسانية الرجل إلا بالتحقيق العدالة الاجتماعية للمرأة وتحقيق ذاتها . أن إقصاء المرأة من قبل الرجل خنجر مسموم يغرسوه في ظهره . وتبقى المرأة من أجمل المخلوقات ومن ابرز الموضوعات الحيوية ومحور كل القصائد والقصص إنها الحياة بعينها مثلما يقال المثل الكردي ( المرأة هي الحياة .. لا تقتل الحياة ) س 13 - ما هي وظيفة المسرح برأيك ..؟؟ بشير ملا نواف : وظيفة المسرح تهذيب النفس وتطهيره إضافة إلى تعليم الإنسان في كيفية بناء إنسانيته عبر ذاكرته اللاشعورية ومن جهة أخرى وظيفته الأكثر وضوحا هو الإثارة , أن المسرح شكل من أشكال والوعي الاجتماعي يمثل علاقة الإنسان بالإنسان وعلاقة الإنسان بالطبيعة . أن المسرح المتكامل بإمكانه أن يكشف عن مكنونات مغمورة داخل الوجدان وإيقاظها وبث الأمل فيه. أن الأعمال المتكاملة كالحديقة توحي بالحياة عندما تتوفر العوامل الأساسية .. س14- عامودا بأبعادها : المكان و التاريخ والسياسة و التفاعل الثقافي هل لها تأثير ..في اعمالك ..؟؟و ما سر تناول شعراء وكتاب عامودا ( كري الشرمولى ) حين يذكرونها في كتاباتهم و قصائدهم..؟! بشير ملا نواف :أن علاقة الإنسان بالطبيعة وعلاقة الأنا بالكل يتكون في نهاية المطاف إلى تشكيل الوعي الذاتي ويبرز بشكل أو آخر في السلوك والوجدان من ثقافة أو أدب وكذلك للفكر علاقة حيوية مع البيئة والتراث المادي والمعنوي فالشرمولى تلة تحيط بالمدينة من الناحية الجنوبية وتتكون منها المقبرة الرئيسية تشكلت عبر التاريخ يضاف إليها مكابدات أبناء الشمس والتراب وهم على يقين انه ليس لهم سوى هذا المكان لإيوائهم الأبدي. أن الخوف من الموت المحفور في الذاكرة مستيقظاً دائماً عندما يكون قطب الثاني مجهول أو بالأخرى ليس له معنى . شرمولى تعني الفراق والتشيع إلى عالم الأموات فذكر هذه المقبرة لها مدلول معنوي أكثر من المدلول الجغرافي س15- كونك كاتب وشاعر ولاشك أنت معني أكثر من سواك بالعمل الثقافي والأدبي ,ما رأيك بالمهرجانات الشعرية التي تقام في العام مرة واحدة سواء في قامشلو أو عفرين ..؟؟ بشير ملا نواف :إذا لم تتكاتف الجهود بشكل جماعي أو مؤسساتي لدعم مثل هذه المناسبات القومية والثقافية فسيبقى مبتوراً ثمة حلقة مفقودة على الجميع البحث عنها قبل البدء بأي نشاط أو عمل . عند الرجوع إلى الخط البياني للمهرجانات نجدها تنحدر نحو الأسفل مع كل الاحترام للجهود المبذولة إلا أن المهرجان على مستوى سوريا لا يضاهي حفلة (شيرانية ) أليست هذه مسألة جديرة بالتساؤل .. س 16 –لما ارتبط الإبهام بالشعر الحديث او الحر ..؟؟ بشير ملا نواف :إذا كان الغموض توحي اختراق حواجز الواقع والغوص فيما وراء الموجودات فان النقص في هذه الحالة هي في قوة مفاهيمنا وإدراكنا للحداثة . أما الحداثة التقليدية أو (الفوتوكوبي ) كما حدث في تجريبة كتاب العرب فلا محال نتيجتها الفشل حيث اتخذ الشكل وأهمل الجوهر أن التستر وراء اللغة والمفردات المستخدمة ذات الصلة بالغموض ليس ألا هروب أو خوف من المواقف , إذا لم تكن الحداثة ضرورة أو حاجة للتطورات الاجتماعية والفكرية فلماذا الحداثة إذا ..؟؟ أن دمقرطة الحداثة أصعب من الحداثة أو المدخل إليها يستوجب قوة في الإبداع والوعي الأدبي والفكري .. س17- ندع لك السؤال الأخير لتتحدث عن نفسك كما ترى نفسك ..؟ بشير ملا نواف :أدعو ذاتي قبل الجميع إلى العودة والتمعن في الشعر والتراث الكردي كالجزيري وغيره دائما لتربية الذاكرة الشعرية وتهذيب للاشعور في الإدراك بأنماط الخصوصية الشعرية والثقافة القومية لنتمكن من توسيع دائرة الخيال الفكري لتخمير الشعر و الأعمال الأدبية بطابع خاص ذو ثقافة قومية بعيداً عن ذلك لا يمكن أن نبني مستقبلاً وعالماً ذو هوية تليق بهذه الأمة العريقة.
بشير ملا نواف : شاعر وكاتب مسرحي يكتب باللغة الكردية صدر له كتاب وهو مجموعة من نصوص مسرحية بعنوان : (من يقتل ممو ) 2007 من مواليد عامودا.
عن دروب.