فتح الله حسيني: السّارحُ حزناً . الظُفار يعدون المائدة ، قبل الطهاة كأنهم يعدون ولائم الخيرين للاخيرين .. وأنتِ ، كأنكِ لم تكوني يوماً ، من الزائرات تأتين إلى مملكتي الصغيرة لتعبثي بما رتبته لك وحدكِ تتشاغبين كالأرامل كي تمكثين كثيراً في أروقة مداعباتي المعدّة للثناء أنا الضّاجُّ هنا السارح حزناً وأنت في عطلتك الأسبوعية تنفضين ما لملمتهِ ، هناك ، من غبار ودراسة وأحرف تشبه يقظة الموتى كأنك ظلام النهار وضوء الليل ، وشغف الغائبين وأنا ممّا تبقى ، تيهاً من هذا الصباح أظفر لمآقيّ بحفرٍ تقيني شرّ العراء أنظر ملياً إلى ما ينتابني من رجفات حنين .. .. وأمضي إلى هلاكي كأني لم أكن يوماً من سكان الخراب في الشارع ليّ قَدَمُ في البهو لي أقدام أُنعي بأغاني الأصدقاء الأصدقاء وعلى الطاولة أسرح سائلاً من سيقودني إلى الريح سوى الريح؟ أنا الداخل أنا الخارج أنا المسكون برهبة وهجران المكان وأقفاص المكان .. بحب الغبار المتاخم لتفاصيل وحشتي بعد الغياب مَنْ سيقودني إلى غرفتي في آخر المدينة بعد هذا التعب : حزنٌ وصخبٌ وكلامٌ وضحكٌ ولا شيء آخر سوى الجراح..!! بهدوء مفجوع وتحت مسميات مختلفة وأسماء ملتبسة، تأتي الجنية ، لتقلب صفحات قدري المنجز ، عابثة بأشيائي الجميلة المبعثرة هَهُنا وهنا تعبث بهلاكي كأنني لن أقرأ بعد اللحظة ما كتبتهُ طيشاًَ على جدران الدوائر ولوح الشعبة المدرسية وطاولة الكلية وعلى مدخل الجامعة الأمامي وعلى كرسي المقهى وفتحات الحديقة كأنني لن أقرأ اسمي بين الناجين من الموت ... ... حباً ، أخفيكِ كورقةٍ مدللة بين أوراقي السائبات لأقبّل حزنكِ متى ما شئتُ كما أقبّل صور المودعات خذلني العمر والأرواح المسكونة بالوجل لم تنادمني الأفراح والأتراح والمراحل أنا الميت الآن .. أنا الذي مات بالأمس وصورتي المؤطرة بالسواد تمد لسانها لله والعابرين وأستعير أياماً من التائبين لأحبكِ .. وأنتِ تعرفين بأني شيطانٌ في تقمص غمزات عينيكِ وأنني ولدٌ مضروب على عقله وقلبه يسخر من السقوط والصعود يسخر من الموتى والأحياء ولا يبكي على ما فات...
*القصيدة كتبنت قبل أكثر من عقد من الزمن، من مجموعة " امبراطورية الخديعة" التي ستخرج من المطبعة ساخنة بعد أقل من شهر.