٢٨‏/٨‏/٢٠٠٩

محمد سعيد حمادة: "فصول القلب" عنوان المجموعة الشعرية الجديدة الصادرة حديثاً عن دار"امردا" الكردية للشاعر الكردي آزر أوسي. يعتبر آزر أحد ابرز الأسماء الشعرية الجديدة بين الأكراد من الذين يكتبون بالكردية والعربية على حد سواء. وكذلك من أبرز الأصوات ـ القليلة ـ التي استطاعت الخروج من ربقة محاكاة الشعراء الكرد المعاصرين الذين اتسمت قصائدهم بالملمح القومي الذي وصل عند كثيرين منهم إلى حد الشوفينية التي قتلت أجمل قصائدهم وحدت من افقهم الشعري الذي توقف عند مفردات وتعابير أصبحت لازمة الشعراء الأكراد. في هذه المجموعة يذهب آزر عميقاً في أحوال النفس وهواجسها، في شؤونها وحالاتها، ويعود إلى المنابع العتيقة في الشعر الكردي التي تذهب إلى قصيدة الحب بشغف صوفيّ مجنون، فلا ينحّد الحب إلا الحب ولا يتاخم العقل إلا الجنون. * * * وفي الوقت نفسه يعيد الاعتبار للأشياء الحميمة التي تتشكل حرارة الشاعر فيها، ويفور وجده منها، كالقنديل والحبر والزيت والحليب ورغيف التّنور، ويجعل منها أيقونات شعرية. من" دِمْسَلاَ دِلْ" أي" فصول القلب"، وبالتعاون مع الشاعر نفسه، قمنا بترجمة القصيدة التي تحمل المجموعة عنوانها. فصول القلب عندما يراك القلب، في أيّ مكانٍ وفي أي فصلٍ، مَنْ غيره يعرف ما يحدث له وما يتفجّر في قلبه؟! ينسى نفسه في مكان ما ولا يعرف ما يريد.. لا الأرض تستطيع تحّمله ولا السماء قادرة على احتضانه! كل شيء فيه هائم وسكران، لا يكتنفه الخوفُ ومهما حاول، لا يستطيع وصف الجمال الذي أمامه.. الجمال الذي تقف الشمس والسماء والبحار والنجومُ منبهتة فيه.. ..عندما يراك تصبح له مظلةً سماوية وتستمد سيمفونية القلب ايقاعها من ألحان الحجلْ.. فتدور النغمات، ويتعلم من مدرسة العشاق.. تعلو نار موقده في وجه تهديدات القدر. الروح تدور بانسياب. فتظهر لها منارة القلب، إذاً! فما الكلمات أمام قامتك؟ وما الأغاني عندما يقطر من فمك عصير السكر؟ وما القصيدة أمام غزال القلب؟ القلب الذي يحتارُ كيف سينفتح لك ويقدم عشقه! ربّما ليس هنا، وفي غير هذا الزمان، القلب بعشقه وألمه وأسراره سينكشف لك، وأنت ستفهم.. حينذاك،... ستراجع نفسك وتسألها، وأيضاً ستعرف كم من قليلي الحظ ينتظرونك على مفترق الطرق، كم من الجميلاتِ، وبأمل مجيئك، في مياهك الساكنة الهادئة قد غرقن وأصبن بداء لا فكاك منه، كم من الشفاه المتشققة بقيت من دون نداك وضحكة عيونك!! الذنب ليس ذنبك ربما! بل ذنب الرعاع ودساتيرهم ولا أحد غيرك يستطيع ان يهجر عش القلب ويكسر أغصانه!! فقط!.. عندما تغادر غاضباً أو تبتعد هاجراً تخور قواه، وبين عيونك والهيام يبقى مثل شمعة جميلة صامتة، وبلا ذنب ينطفئ شيئاً فشيئاً ويقول للحياة: وداعاً!
المستقبل - الثلاثاء 15 نيسان 2003 - العدد 1274 - ثقافة و فنون