٩‏/٨‏/٢٠٠٩

كلّ مرّة في هانوفر حياتي عبد الرحمن عفيف على طريقتي خضراء هانوفر القديمة الحارات المزخرفة الواجهات وفي بطنها كلّ الحداثة المجلوبة ليس عنوة إنّما جاءت الحداثة مثل مهر ووقفت أمام شتلات نباتات الألمانيين وطرق مسدل عليها الأخضر الفاتح والكثيف خضراء هانوفر بعد العصر أنا على دراجتي أشتري البطاطا والخبز الأسود أشرب القهوة مساء لأستمتع بهانوفر بعد العصر وكروبكه في عزّ ساعتها من الرّيح أشربها أيضا على طريقتي. *** من أحب من أحب مع نافذتي المطلّة على الشارع ونافذتي المطلّة على الحديقة لمن أكتب الشّعر الشّعر البعيد والشعرالقريب من أحبّ في الصباح ولمن أكتب الشّعر في المساء أكون جائعا فآكل وأنام القيلولة أستفيق فأفكّر في الشّعر كما أفكّر فيه فقط وأسأل: أبقي مكان لمن أحب ومكان لمن لا أحب. *** صارت الأشياء صارت الحديقة أكبر من مسافتي والقامشلي أكبر من الرّبيع واختلطت المدفأة مع ماكنة النسيج والشّارع الاسفلتي الأبيض صار أكثر اخضرارا وربّما صار عدوّي أكثر نسيانا لي وتمازجت أكياس الرّيح والرّيح تمازجت مع الماء والهواء والاسفلت والناس تمازجوا مع حيواناتهم والبيوت مع البيوت وصارت الحديقة أكبر من الهواء والغيمة والغبار الأعتق. *** يدي والمرأة لو قطعت يدي لبرز الانسان الذي كنت والذي لا أريده الآن… والانسان الذي كنت صعد الدرج ودخل السيارة وغاب عن شجيرة اللبلاب ثمّ عاد انسان وذهبت وبرفقتي أناني الحقيقيّة وخرجت فقط في الليل أبحث عنك أيّتها التي رمّزت الحبّ في الوحل بك ورأيت يد امرأة تنشر الغسيل ففكّرت في اليد وصاحبتها أكثر منك أيّ حضارة تغيّر الشّعر الذي أعرفه لنفسي ويد الإمرأة تلك على حبل الغسيل كانت امرأة بلحم ودم كلّ مرّة في حياتي. *** الحبّ كلّ مرّة في حياتي أحببتك مرّتين ونسيتك ثلاث مرّات وتذكّرتك خمس مرّات وكلّ مرّة ومرّة وست وسبع مرّات وتسع مرّات وأقل أو أكثر بقليل المهم هو الحبّ وبعض النباتات على أطراف الشوارع ذكرتني بأنني أحب كلّما نسيتك وارتحت. *** أكثر في الغابات أكثر في هذه الغابات المثلجة على قممها الغربان وقطارات ألمانيا حمراء تجري على السكك تجري بين المحطات في النوافذ القطارات في الغابات المثلجة آلة تصويري كم المسافة بين كيل وهوزوم. شاعر رومانسي كبير هو من اخترعها هذه القطارات الحمراء بين بحر وبحر آخر والبحر أزرق والغربان بقع سوداء صغيرة والأشجار شجيرات في الشتاء. *** أنا على السّطح منّا هذا الخيط الأحمر الذي لا يمتّ بوصلة إلى بنطلوننا وقميصي أبيض أو أزرق أو أخضر أركب درّاجتي بعد أن غيرت وضع الكرسيّ نحو الأعلى كي لا تصل قدماي إلى الأرض هكذا أريح وجاكيتي جينز أزرق أحسّ بحاجة ملحّة جدّا إلى أن أدخّن والشمس ساطعة. *** أنا على السّطح خريف الشّعراء بقي هناك قميص الهواء وشرائط العندكو هناك وحل الشّعراء قلق الرّيح وأنا جرّبت البيت وسطحه ورفعت سطول الوحل وقشّه المبلّل رفعت نظري أنظر إلى قصر مصلّح البرّادات وزيزفون الكهرباء. وبنطلوني رفعته إلى الركب لأدعس على وحل السّطح - لئلاّ ينقّط البيت في الآتي وأنكبّ على مشاعري بالمشط وماء الكحول. أصفر العندكو الذي صنع الشّعراء. *** و أيضا إلى الصديق كاميران حرسان البحيرات المسمّاة تحت السّماء الزّرقاء وأنت لا تدخن تعرف ركوب الدراجة على التلال المنخفضة والاستعداد للمعارك الشّعريّة والهرب على الطرقات الترابيّة أنت تعرف البحيرات في عينيك الغامضتين بعد إقامة السويد والتمثال من الصلب القاسي لكارين بوين وأيضا منارة الجامع والجاكيت الأخضر الذي كان يرتديه الشّعر وضعت نظّارتك لترى العالم ثانية. *** أنا على السّطح وأرى كيف تزهر شجرة التوت والنحلة التائهة من رائحة زهرة الختميّة المضرّجة بزغبها وكيف يفتح ولد النافذة وتأكل بنت حمراء تفاحة صفراء وأرى مطارق الحدادين المتقدة وشعر الشعراء المتبطّلين تحت السينما وأرى غير ذلك جرادة ونملة وبعض النسوة والجسر أيضا أراه بوضوح. *** عشوائي عشواء خبط وضرب بقدمي على الغبار على ابريق ما ابريق له عينان بدل عين واحدة وحديقة مزهرة أكثر من عام حفلة على خشبات آذار وبنت غير واقعة في الحبّ بقدونس صلب يهدى نفوس خبط وضرب عشواء عشواء عشيّة شعر عشوائي قلبي عشوائي عشائي عشوائي في السابق والآن في السابق كنت أعرف. *** الشّعر جميعه كلّما نسيتك وارتحت يذكّرني الباب بالشبّاك والشبّاك بالشّجرة والشجرة بالصّحن والصّحن بالغبار فأفهم أنني لم أنس قطّ وكلّما نسيت استيقظت معك على التلّ ووجدت حرمل التلّ وحصرمه وقرميدا لا تبنى به البيوت وبعض الزجاجات الفارغة وطعما يشبه طعم النبيذ فوق لساني. كلّما نسيتك وارتحت ارتاح الباب منّي وأخوك من ازعاجي ولا أفعل سوى أنني أتذكرك وطبعا وبالطبع هي أحجار ودواليب درّاجتي الهوائية وأجرس عجلات درّاجاتي وأعياد ليس لها علاقة وأشجار نبتت من تلقاء نفسها وأناس ليست لهم علاقة ومدارس وحصص وأطفال وطباشير وأعرس فقراء وبرجوازييّن وليس لجميعهم علاقة بنا وليس لي أيّة علاقة بهم ولكنّها لا تنساني كأنّما ريح غير قادرة على النسيان. كلّما ارتحت نسيتك بكلّ اطمئنان وتركت للآخرين جميع الشّعر. جهة الشّعر www.jehat.com