٦‏/١٠‏/٢٠١١

 جائزة نوبل للآداب ٢٠١١
 Nobelpreis für Literatur 2011
(السماءُ النصفُ مُكتملةَ)

يُوقفُ الصمتُ عَدوَهْ
يُوقفُ الهم عَدوَهْ
توقِفُ الحدأةُ هروبَها

يتدفقُ الضوءُ المتحمّسُ,
حتى الأشباحُ ترتشفُ جرعةً.

تُقبلُ رسومنا مع النهارِ,
الحيواناتُ الحمراءُ لمراسمِنا من العصرِ الجليدي.
تتلفتُ الأشياءُ كلها
نمضي بالمئاتِ تحت الشمسِ

كل امرئٍ بابٌ نصفُ مفتوحٍ  
يفضي إلى غرفةٍ للجميع.

تحتنا الأرضُ اللامتناهية.

يضيءُ الماءُ بين الأشجار.

البحيرةُ نافذةٌ تُطلّ على العالمِ.

            
 (مادريغال)

ورثتُ غابةً معتمةً, قلّما أمضي إليها
غيرَ أنه سيأتي يوم يتبادلُ فيهِ الأحياءُ والموتى الأمكنةَ فيما بينَهم.
فتدبُّ الحركةُ في الغابةِ. 
لمْ نفقدْ الأملَ بعد
الجرائمُ الأصعبُ تبقى مستعصيةً على الكشفِ رغمَ مساهماتِ العديدِ من رجالِ الشرطة.
بالطريقةِ ذاتها ثمةَ حبٌ كبيرٌ - غيرُ مكتشفٍ - يكمنُ في حياتنا.

ورثْتُ غابةً معتمةً غيرَ أني اليومَ أسيرُ في غابةٍ أخرى مُضيئة.
كلُ كائنٍ حي ٍيشدو, يتلوّى, يلوّحُ ويزحف.
هو ذا الربيعُ والهواءُ شديدٌ
أحملُ شهادةَ تخرّجٍ من جامعةِ النسيان,
فارغُ اليدينِ كقميصٍِ على حبلِ غسيلٍ.


(القبطان المنسي)

لدينا ظلالٌ كثيرةٌ. كنتُ في طريقي إلى البيتِ, في ليلةٍ من أيلول
عندما خرجَ إيف
من قبرهِ بعد أربعينَ عاماً,
ورافقني.

كان في بادئِ الأمرِ فارغاً, اسماً وحسب
غيرَ أنّ أفكاره .. سالت أسرع من الوقت
ولحقت بنا.

وضعتُ عينيهِ موضعَ عينيَّ
فشاهدتُ بحرَ الحربِ
آخرَ السفنِ التي كان يقودُها
أخذتْ تنمو تحتَ أقدامنا

أمامنا و خلفنا زحفت قافلةُ سفنِ الأطلسي
التي نجا فيها البعضُ
ومُنحَ البعضُ الآخرَ علامةَ لا مرئيٍ.

بينما حلّتِ الأيامُ والليالي الخاليةُ من النومِ محلَّ بعضها
 ظَلَّ هناك لا ينوبُ عنه أحدٌـ
سترةُ النجاةِ كانت تحت المعطفِ الواقي
لم يرجع أبداً إلى البيتِ.

كان نزيفهُ
في إحدى مشافي كارديف بكاءً داخلياً.
استطاعَ في نهايةِ المطافِ أن يستلقي على الأرضِ
ويتحولَ إلى أفق.

وداعاً يا قافلةَ السفنِ ذواتِ الإحدى عشرةَ عُقدة! وداعاً يا 1940!
هنا ينتهي تاريخُ العالمِ.
لو بقيَت القاذفاتُ معلقةً.
لو أزهرتْ شُجيرةُ الخلنجِ

صورةٌ التُقطت في بدايةِ القرنِ الحالي على شاطئٍ
يظهرُ فيها ستة فتيةٍ واقفين بكاملِ زيّهم المدرسي.
حاملينَ بين أحضانهم سفناً شراعيةً.
يا لها من وجوهٍ عابسة!

السفنُ التي أضحتْ للبعضِ حياةً أو موتاً
والكتابةُ عن الموتى هي بحد ذاتها لهوٌ,
مُثْقلٌ بما سيأتي.
 
 (أثر )


 في الساعةِ الثانيةِ ليلاً: ضياءُ قمرٍ.توقََفَ القطار
خارجاً وسط السَهلِ. في البعيدِ بُقع ضوء ٍمن مدينةٍ,
تتلألأ ببرودةٍ عند حافةِ البصرِِ.

كما عندما يتوغلُ إنسانُ عميقاً في حلمٍ

لدرجةٍ لا يتذكرُ أبداً بأنه كان هنالك
عندما يؤوب لغرفتهِ .

وكما عندما يتوغل أحدٌ عميقاً في مرضٍ
لدرجةٍ أضحت أيامُه التي  كانت بقعاً متلألئةً,

سرباً
بارداً وضئيلاً عند حافةِ البصرِِ.

القطار متوقفٌ تماما.ً
الساعة الثانية : ضياءُ قمرٍ ساطعٍ , نجومٌ قليلةٌ.
                 


(حُجراتٌ مفتوحة ٌ ومغلقةَ)


 رجلٌ بقفازِ مِهنتهِ يتحسس العالَمَ.
يستريحُ برهةً  عند منتصف النهارِ
واضعاً قُفازا تهِ على الرفِ.

حيث تَكبرُ فجأةً, تتسعُ
تغمر البيت بالعتمةِ من الداخل.

البيتُ المغمور بالعتمةِ قابعٌ وسط نسائم الربيع خارجاً.
"عفوٌ"  الهمسات في العشب تسري: "عفوٌ".
غلامٌ يركض مع شريطٍ غير مرئيٍّ مائلٍ
يرتفع نحو السماء
حيثُ حلمهُ الضاري عن المستقبل يطيرُ كطائرةٍ من وَرقٍ
أكبرُ من ضاحية المدينة.

بعيداً في الشمال من رابيةٍ تُرى
سجادة غابة الصنوبر الزرقاء واللا متناهية
حيثُ تقفُ بلا حراكٍ
ظلالُ الغيم.
لا, بل تطيرُ للأمام.
         


(كما لو كنتَ طفلاً)


كما لو كنتَ طفلاً وانسدلت على الرأس إهانةٌ كبرى ككيسٍٍ
عبر تخاريم الكيسِ تلوحُ الشمسُ
وتُسمعُ ترانيمُ شجرِ الكرزِ.

غير أنها لا تجدي نفعاً، فالإهانة الكبرى
تغطي الرأسَ, البدنَ والركبتين
ويتحركُ المرءُ متفرقَ الأجزاء
لكن دون أن يُسرَّّ بالربيع.

أجل,أسدل قبعةً متلألئةً على وجهك
حملقْ عبر التخاريم.
بصمتٍ تتزاحمُ دواماتُ الماءِ في الخليج.
تُعتِّّمُ أوراقٌ خضراءُ الأرضَ.
    توماس  تر انسترمر
" البحيرةُ نافذةٌ تُطلّ على العالمِ "
                        تـرجــمــة و تـقــد يـم : كاميران حرسان  
   ولد توماس ترانسترمر على بقعة نورٍ اسكندنافيٍّ في الخامس عشر من نيسان 1931, في مدينة النوارس والجسور "استوكهولم".
     انفصل والداه وهو طفل, فتربى وترعرع في كنف والدته في حي "سودر" وسط استوكهولم. أبدى توماس ولعه بالشعر والموسيقى باكراً خلال دراسته في ثانوية سودرا لاتين, في الثالثة والعشرين باشر بدراسة تاريخ الأديان وتاريخ الأدب وعلم النفس في جامعة استوكهولم التي تخرج منها سنة 1956.
     في الثامن والعشرين من شهر تشرين الثاني 1990 أصيب توماس بشلل نصفي بسبب جلطة دماغية أفقدته القدرة على النطق، يعتبر توماس من أهم الشعراء السويديين المعاصرين والمرشح الدائم لجائزة نوبل، ترجمت أعماله لأكثر من خمسين لغـة، حصـل على الكـثير من الجوائز السـويدية والعالمـية أهمها :

-   جائزة نويشتادت الدولية للأدب( الولايات المتحدة الأمريكية )
-   جائزة الأكاديمية السويدية لدول الشمال 1991 ( نوبل الصغرى )
-   جائزة التاج الذهبي 2003(مقدونيا)
-   جائزة نونينو الايطالية 2004  
-   جائزة نجم الدب الاكبر 2004 ( الصين )

      من أعماله :

-     سبع عشرة قصيدة 1954
-     أسرار على الطريق 1958
-     السماء النصف مكتملة 1962
-     أنغام و آثار  1966
-     بحار البلطيق 1974
-     حاجز الحقيقة 1978
-     الساحة الوحشية 1983
-     للأحياء والموتى 1989
-     الذكريات تراني ( نثر ) 1993
-     رؤية في الدجى 1970
-     دروب 1973
-     جندول الأسى 1996
-     اللغز الكبير
عن 

 أبـابـيــل -  العــــــدد 39 -  آذ ار  2010