٢٩‏/٥‏/٢٠١١

كانتِ السنابل تَأتي إِلَيَّ من رجفة ثَغركِ،
وكنتُ صامتاً كمواسم تَموتُ في سطوة الرِيحِ.
كنتُ في رفيف الأجنحةِ، رعشة للعطرِ؛
لرحيلٍ شفيف كالمغيب، ولقوافل بليدة تتناثرُ في الحقول.
عالياً كالروحِ الرهيفة،
وأَنا أَكتبُ لشهدائكِ عن طعم الليلِ،
وغيَابِ البريق والنجمِ الولهان،
وأَغصانِ الياسمين،
عنِ الحورِ، وعن الوطن في سر المستحيلِ.
كنتُ سليلَ النحاسِ المباغتِ،
وزهرة الهِجْرانِ على نعشكِ الأخضرِ العتيقِ،
مرفأً للدمِ وللموعدِ الوليد.
سألتُ المقَابِرَ عن بتلات روحِكِ،
زرعتُ علىَ فستانِكِ الأزرقِ ألف نشيد، وألف نبض لوليد.
كانتِ السماءُ بلونِ الوردِ،
والأمطار تغني للدَّمِ "الحوراني"، للعشقِ ولصهيل أحصنة من فرط الغسق.
يأتي الصباح بِالنَّايِ، بالجن، وبِالأساطيرِ،
وصوتكِ يمهِلُ موتي، ويزغرد لموتِ الغريِب.
أنا الكورديُّ الهاربُ إليكِ،
أنسجكِ على قلبي،
أفرش لَكِ حزني، فراشاتي، وجبالَ ذاكرتي.
أهديكِ مِنْ آذاري القتيل، ألفَ أغنية وألف مرثية بطعم الشهيد.
كنتِ بِلونِ البنفسجِ حين سكبنا الوطنُ لحناً،
ورقصنا في البرق، وارتعشنا كصرخة الجريح.
هذه أوتاري القديمة،
وتلك مجزرةٌ أخرى لقيثارتي،
هي النوافذ الخضراء تنتظرني،
وأنتِ أبعدَ من حلمٍ، وأقرب من نيزك بعيدٍ.
حزينٌ أنا، ياحوران.
أَسير بين ركامكِ،
وقاتلكِ يمشي بِجانبي كطيفٍ، كالتيه، والهزيمة.
تخاف عينايً من رجفة جندي، ومن صليل سيف ينحر.
رددي الألمَ ثانيةً،
فأنا الروحُ فيكِ،
ننادي معاً،
باقة حرية، وقمراً أخضرَ،
عطراً فريداً،
وركام أغانٍ.
لحقولي الممتدة من حريق عامودا.
للفجر الأكيد على عتبات القامشلي،
سأسمعكِ من قبر في البوصلة شريداً،
على وطنٍ في المعنى.
لاأطيق دمعكِ،
ولالجناحيكِ أَن تكونا مقصوصتين.
ياإله حوارنَ،
يانبضة الشعب الجميل،
دمكُ دافىءٌ،
حنطتكِ خضراءُ،
وجلادكِ راحل.
حطمتِ المستحيلَ،
كتبتِ الحرية
بطعم الحنطةِ،
ودم الشهيد.

أنا الكورديُّ الهاربُ إليكِ، "حوران"
أحمد حسينيِ

عن موقع كميا كوردا