عجوزٌ خلف نافذة
نكبر، نُخفي طعنات القدر الصغيرة بين التجاعيد، ندّعي الخبرة،
والضحك الصاخب وتدخين السيجار.
بين ضلعَين يرفرف عصفور النقمة،
بوهنٍ يصعد ويهبط مع النَفَس البطيء
فيما ننتظر ما بعد المطر:
العشب اللذيذ ورائحة الربيع.
ننتظر الروتين الذي يُخبرنا: ما زلنا هنا.
ريشة
اللون قياسٌ لدرجة الكثافة
اللون قماشةُ العين المنتقلة
اللون حمّال ألمٍ لا يُقال.
أن ترسم امرأة يعني أن تشتم وتصرخ وتسبح وترقص، أن تنتَهِك وتُؤلم وتشطح وتغوص.
لكنها لن ترسم إلا نفسها
وما بذلته من ألوان باذخة على الحياة المتعجرفة.
نصّان
تكتب المرأة كما تخيط، كما تُرقِّع ما مزَّقته الحياة، كما تمسح ما وسَّخه الضجر.
يكتب الرجل كما يحارب، كما يفتح ثقوباً جديدة، كما يُبعثر سَرَيان العادة.
تكتب المرأة بلا جدّات، بلا عقد نقص، بلا قتل أبٍ ولا أوديبيّة، بلا تصفية حساب وسبق على الأوليَّة. قد تُفضِّل رحلةً مع العائلة على نصٍّ شعريٍّ، لا لأنها ناقصة الوعي بل لأنها كاملته.
القلم في يد المرأة حياة وفي يد الرجل سلاح،
قد تكسر المرأة ريشتها من أجل عصفورٍ بلَّله مطر، أما الرجل فسيندب العصفور ويواصل استخدام الريشة.
ذلك أن المرأة تصعد بالكتابة نحو حياتها بينما الرجل يصعد بحياته نحو الكتابة.
بورتريه امرأة عادية
امرأة تقطع الطريق يومياً لشراء الخبز
امرأة تضع - بحكم العادة - أحمر شفاه تعرف أنه لا يناسبها
امرأة تشارك بضحكةٍ كلَّما سخر منها أبناؤها المراهقون
امرأة تؤنسن المغسلة وفرن الغاز وأرض الغرفة المتَّسخة
امرأة لم تحلم يوماً بأن تكون على غلاف مجلة
امرأة تخبر نفسها أنها ستبدأ حمية لحرق الدهون المتراكمة
امرأة تقطع وتغسل وتطهو وتُجرِّب تقنيات العمل المنزلي الجديدة
لا تركض لاهثةً في بورصة نيويورك
لا تُمضي ساعات في صالونات التجميل
لا تعرف شيئاً عن الأدب الحديث
امراة مثالية للبعض، جاهلة للآخرين، مملّة لكثيرين
لكنها لا تأبه حقاً
كل ما يهمّها أن تُشيِّد يومياً قصراً من الألفة لعائلتها.
امرأة كلما رأيتها ابتسمتُ وتذكَّرتُ شيئاً جميلاً فاتني.
هذه أنتِ
لن تُفلتي! سيأتون إليكِ به
سيخبرونك دوماً: هذا قالبكِ يا امرأة فاقبليه صاغرة...
قد يكون من شوك، قد يكون من ذهب، قد يكون من حرير، لكنه في كل الأحوال مؤلم... وفي أحسن الأحوال ستهربين من قالب إلى آخر
منذ جدّتك حوَّاء الرفيقة
التي آنسته في وحدته.
عجوز خلف النافذة
زينب عسّاف
«الغاوون»، العدد 37، 1 نيسان 2011
نكبر، نُخفي طعنات القدر الصغيرة بين التجاعيد، ندّعي الخبرة،
والضحك الصاخب وتدخين السيجار.
بين ضلعَين يرفرف عصفور النقمة،
بوهنٍ يصعد ويهبط مع النَفَس البطيء
فيما ننتظر ما بعد المطر:
العشب اللذيذ ورائحة الربيع.
ننتظر الروتين الذي يُخبرنا: ما زلنا هنا.
ريشة
اللون قياسٌ لدرجة الكثافة
اللون قماشةُ العين المنتقلة
اللون حمّال ألمٍ لا يُقال.
أن ترسم امرأة يعني أن تشتم وتصرخ وتسبح وترقص، أن تنتَهِك وتُؤلم وتشطح وتغوص.
لكنها لن ترسم إلا نفسها
وما بذلته من ألوان باذخة على الحياة المتعجرفة.
نصّان
تكتب المرأة كما تخيط، كما تُرقِّع ما مزَّقته الحياة، كما تمسح ما وسَّخه الضجر.
يكتب الرجل كما يحارب، كما يفتح ثقوباً جديدة، كما يُبعثر سَرَيان العادة.
تكتب المرأة بلا جدّات، بلا عقد نقص، بلا قتل أبٍ ولا أوديبيّة، بلا تصفية حساب وسبق على الأوليَّة. قد تُفضِّل رحلةً مع العائلة على نصٍّ شعريٍّ، لا لأنها ناقصة الوعي بل لأنها كاملته.
القلم في يد المرأة حياة وفي يد الرجل سلاح،
قد تكسر المرأة ريشتها من أجل عصفورٍ بلَّله مطر، أما الرجل فسيندب العصفور ويواصل استخدام الريشة.
ذلك أن المرأة تصعد بالكتابة نحو حياتها بينما الرجل يصعد بحياته نحو الكتابة.
بورتريه امرأة عادية
امرأة تقطع الطريق يومياً لشراء الخبز
امرأة تضع - بحكم العادة - أحمر شفاه تعرف أنه لا يناسبها
امرأة تشارك بضحكةٍ كلَّما سخر منها أبناؤها المراهقون
امرأة تؤنسن المغسلة وفرن الغاز وأرض الغرفة المتَّسخة
امرأة لم تحلم يوماً بأن تكون على غلاف مجلة
امرأة تخبر نفسها أنها ستبدأ حمية لحرق الدهون المتراكمة
امرأة تقطع وتغسل وتطهو وتُجرِّب تقنيات العمل المنزلي الجديدة
لا تركض لاهثةً في بورصة نيويورك
لا تُمضي ساعات في صالونات التجميل
لا تعرف شيئاً عن الأدب الحديث
امراة مثالية للبعض، جاهلة للآخرين، مملّة لكثيرين
لكنها لا تأبه حقاً
كل ما يهمّها أن تُشيِّد يومياً قصراً من الألفة لعائلتها.
امرأة كلما رأيتها ابتسمتُ وتذكَّرتُ شيئاً جميلاً فاتني.
هذه أنتِ
لن تُفلتي! سيأتون إليكِ به
سيخبرونك دوماً: هذا قالبكِ يا امرأة فاقبليه صاغرة...
قد يكون من شوك، قد يكون من ذهب، قد يكون من حرير، لكنه في كل الأحوال مؤلم... وفي أحسن الأحوال ستهربين من قالب إلى آخر
منذ جدّتك حوَّاء الرفيقة
التي آنسته في وحدته.
عجوز خلف النافذة
زينب عسّاف
«الغاوون»، العدد 37، 1 نيسان 2011
