١٦‏/٢‏/٢٠١١

خليل عبد القادر يعرف كيف يمارس طقوس وصلوات ألونه الغجرية قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات....له صلاته الخاصة يمارسها  بعد منتصف الليل، ويركع أربع ركعات متوالية، يمتطي فرسه ويهاجر إلى كينونة الذات يهمس القادمين من فجر ألوانه... حيث يعقد دبكة لعرس من المعاني الكبرى والمقدمات اللامتناهيةالفنان خليل ذاكرة مكان  يشرب أسى وحزن مدينته بكؤوس من الروعة .خليل عبد القادر مرايا للزمن الآتي.جلسة على ضفاف الخابور.خليل عبد القادر باتساع لهفة فجر الجزيرة.خليل عبد القادر. مغامر في مساحة المستحيل .مدارسه مشرعة الأبواب على نوافذ غريرة لم تجرب الحب بعد.خليل عبد القادر يحتضن الشمس في أغلب طقوسه الزردشتيه.أبجدية من حب يمتزج بدم عشيقته الأرض.فلاحٌ ما نسيّ كروم والده قرب عامودا.نجم تأبط خوف القادم لكنه يفرح لزمن آت ٍ.يجرب اللون وله من الحنين خفايا زرقاء اليمامة.تجربة ٌ لم تسبق فجر جزيرتنا وحسب بل لم يرحل عنها.خليل عبد القادر مدينة للحزن في زمن الشتاء يوزع خبز تنور والدته للجياع المتعبين ،بيوت الطين القديمة التي عبث بها ذات يوم  تعيش في  قصور روعة  المساحات اللونية  لديه.حضورٌ فني لكنه مقاتل عنيد .يحب ولا يحب من يغدر بمعشوقته مهما كانت قوة الرياح.من سأل عن نوافير الحسكة .مفرداته  من مواسم الغبار في الجزيرة.حصاده لهفة عاشق التقى بحبه الأول.جندي لن يودع من سفير القمح إلا خصلات شعرها الأصفر.يحبّ بابونج وختمية الجزيرة ورغم ذلك وضعوا على اسمه أنه كردي.فمن هو خليل عبد القادر هذا الفنان القادم من الجزيرة السورية؟!!!!هو ابن عزيز عبد القادر من عشيرة معروفة اسمها (كابارا) وأصله من العراق.ولد وعاش طفولته  الأولى في قريتهم (حسي أوسو) الواقعة في الجزيرة السورية مابين مدينة الحسكة وعامودا.وبالقرب من الموقع الأثري الشهير تل جاغر بازار... والده عزيز يحبُ الحياة والخضرة ويعشق العمل فمنذ خمسينات القرن الماضي أسس وزرع بساتين  من الكروم التي تزيد شُجيراتها عن العشرة آلاف دالية، وهو ميكانيكي تعلم هذه المهنة ليس من خلال مدرسة صناعية بل بجهده الشخصي وإذا ماجئنا على والده الذي عاش 87عاما فإننا نؤكد من خلال ذلك على التربية الأولى التي اكتسبها فننا خليل عبد القادر، فوالده يؤلف قاموسا فيه مفردة للحركة والعمل والنماء وحب الحياة....جميعنا بشر هكذا فهم والد خليل عبد القادر الحياة بأبعادها ...أما خليل فقد ولد كباقي أطفال القرى المهمشة لكن كل شيء هو في محيط هذا الطفل الأسمر وربما لعب أول أدوار مسرحيته على بيادر القرية مع أترابه...هناك سرق من النجوم أبعادها ومن عتمة الليل كرهه للظلم وأيد الفجر حين سقاه كأساً من النبيذ المحرم في شريعة حمورابي...ومن تلك المسرحية العبثية كوّن خليل عبد القادر زورقه سداه ولحمته  من الخيال ليعبر بواسطته إلى ضفاف اللون نؤكد أن هذا الطفل يجيد صنعة المقتبس من محاريب آلهات الجمال في سياقات وأبعاد الأرض التي ولد عليها والتي تحتوي على حضارات عدة أهمها الحضارة الآشورية التي ليس من شك ٍ في أنها خلفت تحت تلول الجزيرة ما يقطع الشك باليقين أنهم كانوا هنا...من هنا فخليل عبد القادر ليس سورياً ولا كرديا ولا عراقياً بل هو تاريخ طويل محفوظ في الذاكرة الوراثية والجمعية للمنطقة.الفنان التشكيلي العالمي خليل عبد القادر  لهُ  أكثر من هواية فقد عرفته ( حارس مرمى) في  فريق تل حجر عندما لعبنا مع ذاك الفريق وكان فريقي اسمه السهم المنطلق...افترقنا لهموم في الحياة ويكبر الشاب خليل ويتسلق دوحة عالية اسمها اللون وله نظرة جمالية اقتبسها من والده حين كان يزرع شُجيرات العنب في قريتهم فهو يتأبط المساحة والفراغ ليملأه بروعة ٍ وجمالية ولن نبحر فيما قام به خليل عبد القادر في مدينته الحسكة وباقي المحافظات السورية فنحن هنا لا نكتب تاريخه الفني بل لنمر عليه بسرعة.بالأمس أعادني خليل عبد القادر إلى نهاية الستينات عندما كنت أختلف لدار الفنان حسن حمدان العساف وكانت تلك الغرفة التي يأمها الفنان صبري رفائيل الراحل والفنان عمر حمدي وكيف كنتُ أؤكد لهم على أن الفنان لايكفي أن يكونقادراً على الإبهار من خلال اللون والموضوع بل عليه أن يلم بتاريخ الفنون بدءً من العصور القديمة وحتى اليوم وأن يتسلح بمعرفة لما جاء عليه النقد الفني وعلى الفنان أن يعرف المبادىء الأولى للعلوم الفلسفية والنفسية ولكن البارحة تأكد لي بأن الفنان خليل عبد القادر كان يلوّن حديثه معي بتلك الأبجديات التي كنتُ وما زلت اعتبرها مقياسا لقدرة الفنان على عملية الخلق. فلا تكفي الموهبة ولا التجربة ولئلا يبقى الفنان في حدود تجربته الفطرية بل ليتجاوزها من خلال معرفته إلى واحات لا حدود لها.لكن خليل استطاع أن يأخذ بي إلى تلك العلوم وأنا أقدم له وجهة نظري وكان يتمتع بقدر عال ٍ من تلك الضرورات للفنان.خليل عبد القادر الفنان استطاع خلال رحلته أن يطور أدواته الفنية ولغته اللونية  ومواضيعه التي تبدأ من خلال الواقع القروي إلى رحاب العالمية السمحة.استطاع الفنان خليل عبد القادر أن يثبت لمجتمعه الجديد أنه ومعه لونه وفرشاته يرسم ويغني للحياة .هكذا نستطيع القول أنه يؤمن بالإنسان الذي يتصالح مع ذاته وتربيته ثم ليبدأ التأثير ضمن محيطه والعالم.الفنان التشكيلي خليل عبد القادر والفن  في الجزيرة السورية.ارتحالات  للفنان خليل عبد القادر يتذكر ويمسح دمعة حزن وأسى .إنعام قاطرجي، مادلين تيودور، وغسان حنا وسعيد حنا،سركون بولص...شيخ الفن التشكيلي  معلمنا حنا الحايك (يرى أن حنا الحايك لم يأخذ حقه).حسن حمدان العساف.عزو الحاج النحات والرسام ،ويوسف صومي قومي الرسام والنحات ، سمعان درويش،وعمر حمدي وبشار العيسى برصوم برصوما، أحمد العوض، أحمد الأنصاري ...خلف إبراهيم الحسيني (من عامودا).... وهناك العشرات العشرات؟؟؟الفنان خليل شاعر  اللوني  هكذا أحسستُ صوته يقول .لوحة واحدة تساوي المجرات.خليل عبد القادر لايعرفُ كيف يتوضأ بنار الآلهة لكنه يُجيد طرق الصوفية ولغة الجسد نبيذ العصور عنده  لكنه لا يقرب تخوم النار .يعزف أناشيده  على ناي بكى عليه قبل مليون عام.رأيته يهم بالخروج من مجلس الأم الأولى الخالقة للخرافات عند شعب الأتروسكيون...من خلال لوحاته التي يخلقها لتعلو على خرافات قريته ( حسي أوسو) وانحسار المطر يقض مضجعه لربما لايخاف إلا على العصافير الدورية التي كان أترابه يصطادونها في الليالي ...والعلم عند الله فخليل عبد القادر كان قد عقد اجتماعا سريا  مع حفيد جوبيتر خوفا من اللصوص المحترفين في الصناعات الورقية ..يوم استضافه في بيته بتل حجر قبل انتقاله لحي العزيزية الذي تسمى الحي على اسم شخص كان يملك تلك الأرض وأعتقد أنه عزيز ماري....في بيته بحي العزيزية كان يعقد جلسات مسائية يشرب فيها الشاي السومري  رغم أن أنه تقدم بعمل لبناء برج بابل ولكن شخصا من أريدو أو أبو شهرين حاول أن يغري خليل بقليل من الكمثرى لكنه رفض تحت حر الصيف أن يتعرى ولو لمرة واحدة..وخليل ليس فنانا ولا معماريا ولا مجيدا في المسائل العصرية لكنه يكتب نصا يجعلك تمطتي بساط الريح وترحل إلى أسواق عكاظ....وخلال رحلته يقرأ مزاميره للرعاة وقبل أن يرتاح إلى ظلال أشجار التوت في أراضي داود موري حيث تطالعنا شخوصه التي تنفر من عمليات قرصنة اللون إلى هدوء البحار التي تسبق العواصف فنجد خليل عبد القادر يمسك بمذراته وهو يتهيأ (ليذري مواسمه قبل أن تمر نسائم الغربي على بيادره الملأ بأكداس الحب الذي سيوزعه على أطفال المدارس في قرى الجزيرة.سيكتب ُ على  دروب الطفولة أسم حبيبته ومعها صورة أول من دقَّ نواقيس الكنائس النائمة تحت التلال المهاجرة.والغريبُ ونحن نودع حروف الأبجدية يجعلنا الفنان خليل عبد القادر أن نودعه قائلين له ( أينج بسيس).كردي يتزوج من الشاعرة والأديبة مها بكر هذه التي تحكي لنا قصة أجدادها الأرمن...الأرمن الذين قتلهم أعداء النهار والحب....فمن يؤرخ للحزن بيادره؟!!!وخليلنا يُغني للحب الذي يُسكر الفجر وقصيدة (روناهي ) التي كتبها صاحب المقال.اسحق قومي
نص لم يكمل9/7/2010مألمانيا
اسحق قومي : الفنان التشكيلي الكردي خليل عبد القادر