١٤‏/٧‏/٢٠١٠

وليد الحسيني- حوار مع الفنانة سمر دريعي.
1 - حدثينا عن سيرتك الإبداعية (الغناء ، الرسم على الجسد ) حدثينا عن الطفولة ودور العائلة في تنمية الإبداع لديك ؟ ولدت وأنا أحمل بذور الفن بكافة أشكاله في روحي ودمي وكانت البيئة هي المنبع الأول لدفع تلك الموهبة إلى الظهور بأريحية وبثقة خاصة عندما يكون الأب هو المعلم فكانت لغة حوارنا هي الغناء والرسم وكافة الأمور الحياتية الأخرى حتى إنني في الطفولة المبكرة كنت أجيد حفظ المقامات والإيقاعات سماعيا ومن بعدها تخصصت أكاديميا بالنسبة لتجربتي بالرسم على الجسد باعتبار إني درست المعهد العالي للتجميل و تخصصت بعلوم الجمال فقد كان ذلك من ضمن دراستي حيث أقيم مهرجان في بوخارست للرسم على الجسد وكنت من المشاركات وهو أرقى الفنون وأحدثها حيث تقوم الموديل بعد انتهاء من الرسم على جسدها برقصة لتوضيح فكرة الفنان وكأنها لوحة متحركة ونلت الجائزة الثانية في المهرجان على مستوى رومانية وتأهلت على المستوى الأوربي بالرسم على الجسد ( بدي بينتينغ ) والذي كان مقره في باريس إلا إن الظروف كانت في حيينها لم تكن مهيئة . 2-ماذا عن بداياتك في مجال الفنون التشكيلية ؟ نشأت من أسرة فنية فوالدي كان يرسم لن نراه يوما دون قلما أو ريشة فتأثرت بالدرجة الأولى بابي بدأت بطفولة مغمرة بكافة أنواع الفنون حيث كنت رائدة على مستوى القطر في مدرسة الأنشطة الطلائعية لمدة أربعة سنوات متتالية في الرسم وبعدها انتقلت للمرحلة الإعدادية واحمل معي موهبتي ساعية لان أطورها وأقدمها بصورة أكثر وعيا وبأكثر بحث فكنت أنسخ أعمال لفنانيين عالميين وأنا في الثالثة عشرة من عمري وكان والدي يراقب عملي بدهشة أب ومعلم . 3- هل تعتقدين إن للبيئة المحيطة بالفنان التشكيلي تأثيرا في إبداعاته ؟ لا شك أن للبيئة تأثيرا أساسي في نشأة الفنان وبزوغ مواهبه و صقلها فالإنسان ابن بيئته وأنا ابنة تلك الأسرة التي انتقلت إلي جيناتها وأثرت في كل التأثير ومن ثم قمت بتطوير موهبتي وشحذها حيث اعتمدت على أحاسيسي ولوني وأسلوبي. 4- بمن تأثرت ؟ بالدرجة الأولى بأبي فأنا أعتبر نفسي امتدادا له وقد أهديت معرضي الأول إلى روحه الطاهرة فكأن الأجساد التي رسمتها كانت تكملة لبورتريات النساء الذي كان شديد الولع برسمها . 5- متى ترسمين ؟ ليس لدي وقت محدد للرسم فأنا ارسم في كل الأوقات فكثيرا أرسم حتى طلوع الفجر وأرسم يومين أو ثلاثة دون راحة أو نوم لحين شعوري بالرضى عن عملي أو على الأقل أنجزت الهيكل العام حتى تتوضح لدي فكرة اللوحة وتصبح شبه كاملة عندها أستسلم للنوم بعد أن أكون فاقدة القدرة على غسل يدي من خارطة الألوان . فالرسم بالنسبة لسمر مسألة توازن ومنفس لطاقاتي الدفينة ،وجرعة منشطة ومحرضة لكل مكنوناتي . 6- ماذا عن لحظة الوقوف أمام المساحة البيضاء ؟ تتراءى أمام عيني وتتزاحم في مخيلتي الكثير من الأفكار والرسومات ولا اعرف أين يتشرد ذهني وتفكيري والى أين يحلق بي الخيال إلى أن يستقر الاضطراب بانبثاق فكرة.فاندفع لتجسيدها على الفور على تلك القماشة البيضاء والساكنة وأخوض وكأنها معركة بالريشة والألوان على الساحة البيضاء ولا اعرف كيف وبأي شكل سأنهيها . 7- من أين تستوحين أعمالك الفنية ؟ أعتمد بالدرجة الأولى على إمكانياتي وأحاسيسي فلكل فنان نظرته ولونه وذوقه وثقافته البصرية أشاهد معارض وأعمال لفنانين كثر وأثقل عيني برؤية الكثير منها وأشبعها وامزجها مع مخيلتي وروحي الفنية و من ثم و ضعها على لوحتي. 8- ما هي أبعاد اللون لديك (وظيفة اللون في التشكيل) ؟ في الحقيقة إن اللون يعني لي الكثير فهو لسان حالي وترجمة حية لنفسيتي فأنا لا أريد أن اترك زاوية بلا لون أريد اللوحة مزركشة مليئة ، تنسكب فيها الألوان بتدرجات هرمونية وانسياب حر لا تقيده ولا يعيقه أي قانون أريد أن تتعاطف الواني مع بعضها ، ترقص ، تتغازل . والواني تشبهني كثيرا فكما لا أحب النظر إلى مساحة بيضاء سواء على دفتر آو جدران أو حتى على فستان كذلك اللوحة أريدها مقلمة ، مخططة ، مزهرة بتلاحم لوني وحسي فالألوان الغامقة تعني لي الدفء والاستقرار والهدوء والكاشفة تعني لي النقاء،الشباب والتفاؤل والحيوية والصرخة والجرأة وربما التمرد . 9- إلى أين تودين الوصول تشكيليا ؟ لا اعرف أين ستأخذني ريشتي لكن أدرك بأن ثمة نجمة في السماء تناديني بشعاعها البراق . كما إن ليس للفن حد للوقوف عنده الفن بالنسبة لي يحتل كل روحي وشخصيتي وكأنه ثوب ناصع وحالم يرتديني. 10- ما العلاقة بين الجسد والطبيعة ؟ الجسد والطبيعة تشتركان في قواسم مشتركة فهما رمز الخصوبة والجمال والعطاء وكلاهما روح والطبيعة هي الأم وهي أنثى كما هو جسد المرأة الذي ينمو برعم ويكبر ويثمر ثم يشيخ وأنا مزجت الجسد بالطبيعة لأنني شعرت إنهما جزأن متشابهان ومتلاحمان في كافة مراحلهما وجعلت الطبيعة تدندن لحن الروح والجسد معا. 11- لماذا هذا الاهتمام بالجسد ؟ بصراحة أخشى الإجابة عن سؤالك هذا لربما ألقى ردودا مختلفة . لأنني أشعر بان المرأة مسحوقة في مجتمعنا الذكوري البحت فكذلك هو جسدها مسحوق ومذلول . فجسد المرأة هو تكوين رباني وجد لخلق الحياة وأستمراريتها فالأنثى هي الحياة بعينها ويصعب علي أن أراه بشكل غير ذلك لذلك اهتمت برسم الجسد ربما لأعيد للمرأة أنوثتها وحقها في الافتخار بجسدها لأنه لم يخلق ليكون للإثارة أو كأي وسيلة لإرضاء المجتمع الذكوري. 12- أين تكمن الجرأة لديك حين تتعاملين مع الجسد ؟ في الواقع أنني عندما أرسم الجسد فأنني أشعر كأنني كما ذكرت في السؤال السابق ارسم مخلوقا آو تكوين له الحق بالنظر إليه باحترام فالجسد كأنه شجرة متفرعة الأعضاء وكل عضو له وظيفته ومهامه فعندما ارسم نهد المرأة فأنه رمز الأمومة والعطاء والمرأة في جسدها كلها تعني مصدر الحنان والسكينة فلذلك أرسم جسد المرأة بكل جرأة وثقة . 13-أقمت معرضا فنيا في حلب ، ما هي انطباعاتك عن الفن التشكيلي هناك ؟ الفن التشكيلي في حلب له بصمة واضحة فهناك الكثير من الفنانيين التشكيليين المبدعين في حلب وقد التقيت بمعظمهم ولكن أغلبهم لم ياخذو فرصتهم حتى الآن . فالفنان يجب أن يكون حرا وبعيدا عن القلق لينتج بأريحية وبإبداع . 14-كيف ترين التشكيل النسوي في سوريا ؟ الفن التشكيلي النسوي في سوريا قليل بالمقارنة مع الرجال وهناك أسماء تلمع وأتمنى لهم الاستمرارية والنجاح. 15- كيف استقبل الجمهور لوحتك ؟ كانت مفاجئة للكثيرين كوني من أول معرض تميزت بخصوصية ولون ، فقالو سمر ترسم بريشة سحرية خاصة وهذا جعلني مسرورة وواثقة من عملي ومن تجربتي الأولى .
 تعتبر الفنانة سمر دريعي من الفنانات المبدعات و ظاهرة منفردة في رسم تكوينات الجسد و ربطها بالطبيعة كقيمة أخلاقية و وعي حضاري ,بصورة عصامية , عصامية الجمال اللوني في اللوحة و محاولة منها في جعل الجسد تثقل بالهموم الجمالية التشكيلية , لتخبرنا و تفصح لنا معنى الحياة في عالم الأساطير باعتبارها ذو دلالة تاريخية فالجسد لدى سمر أكثر تحررا و حضورا لتخلق لنا جسدا تشكيليا بشفافيتها السابحة في عالم الجسد و وظيفته الأساسية بعيدا عن الصراع و الصراخ في محاولة فهم حقيقة الجسد و انطلاقا من لوحات الفنانة سمر دريعي نراها تقتحم كل الأشياء و نراها مغامرة و جريئة , تستحق وضع إشارات تشكيلية حقيقية كونها لا تقف أمام قيود التشكيل الأكاديمي و القيود الاجتماعية الأكثر ضررا بالفن , في تعاملها مع فلسفة الجسد التي كانت غائبة تشكيليا و بصريا , لكن الفنانة أكدت بلوحاتها كيفية حضورها بمتعة بصرية جديدة , إذ لها طريقة مختلفة في معالجة الجسد بشكل تعبيري و تلقائي في مخاطبة الذاكرة المفقودة , عن طريق الوعي و اللاوعي لتؤكد لنا إن الجسد طاقة إبداعية . و من ناحية ثانية تنتقل الفنانة من عوالم الجسد إلى عوالم الطبيعة, قد تتذكر الفنانة العلاقة الحميمية بين الجسد الحر و الطبيعة الحرة لتلامس سيكولوجية الأضواء في تكوينات الجسد و الطبيعة بخطوط متداخلة تعبران عن الاستمرارية في الحياة , فبدون الجسد و الطبيعة هناك استسلام للضيق من الحرية التشكيلية . إن أعمال الفنانة سمر دريعي تحتفظ بتفاصيل تلقائية , فهي امرأة تربت تربية فنية ( تشكيل + موسيقى) من خلال ما قدمه والدها الفنان عبد الرحمن دريعي صاحب الناي الحزين المفرح الذي مهد التشكيل الأول و عالم الألوان للفنان السوري العالمي مالفا ( عمر حمدي),و نلتقي الفنانة سمر دريعي لتكشف لنا تفاصيل جميلة من حياتها الإبداعية . عن گمیاکوردا