١٧‏/٢‏/٢٠١٠


"محمد رفي": الشعر مشروعا بقيمته الحقيقية.
دلبر خليل- يقرع أجراس الحلم برماد الأصابع، بين صدى الكلمات، وأقدام زاحفة نحو الفجر، بعينين حالمتين بالحب، يعزف على دهره أمنية، ويتلو علينا حكايا عن الحلم والحب... انه الشاعر "محمد رفي" الذي التقاه eHasakeh بتاريخ 24/10/2009 في الحوار التالي:
* ما دور المكان واقصد الذاكرة وليست الجغرافيا في الشعر؟ ** بالتأكيد الذاكرة عنصر أساسي في كتابة الشعر عند معظم الشعراء، فمن خلالها يتم شحن وتخزين الطاقات وتراكماتها فتأتي كتابة القصيدة في لحظة بشكل سهل دون أي تكليف أو تدبير مسبق لها. * ما أهمية مشاركتك في الأمسية الشعرية التي أقيمت منذ أيام؟ وماذا أضافت إليك؟ ** تأتي أهمية المشاركة بعد انقطاع دام حوالي عقد من الزمن، اعتبر هذه المشاركة نقطة تحوّل وعوده إلى إلقاء الشعر وكتابته، فمن خلال هذه الأمسية تعرفت عن كثب إلى جمهورنا في المحافظة الذي هو شديد الحساسية ومستمع جيد يعرف الشعور من اللاشعور، والشعر من اللاشعر وكنت سعيدا جدا بتفاعله مع قصائدي. * متى تريد أن تكتب وما المواضيع التي تستأثرك أكثر من غيرها لمعالجتها في شعرك؟ وهل من طقوس تحتاج إليها حتى تستطيع الكتابة؟ ** اللحظات والدفقات الشعرية هي التي تجعلني اكتب، أي إنها تجتاحك دون سابق إنذار أو تخطيط مسبق، وأكثر المواضيع استئثارا في ذاكرتي هي التي تتغنى بالإنسان (الحب والجمال) ومواضيع أخرى ذات أهمية كعلاقة الرجل والمرأة والعكس، وثقافتي العميقة تجعلني اشعر بأشياء واهتم بتفاصيل صغيرة جدا فتأتي قصيدتي إلى حد ما شهادة على ذلك، غالبا ما ابيض القصيدة بطقس هادئ مرفق بموسيقا. * الحزن والحلم يكتنزان قصائدك ماذا تخبرنا عن ذلك؟ ** اعتقد أن مرد ذلك يعود إلى طبيعة الإنسان وعلاقته مع المحيطين به والكوارث والمجازر التي تحدث، واعتقد أيضا انه نابع من حالة روحانية ووجدانية من موقعي كشاعر. * كيف يمكن فهم الحداثة في الشعر؟ ** يعتبر الشعر فن الكلام وهو معني بكل ما يحدث من حولنا فكان تحديث أدوات الشعر في المشهد الشعري العربي هو انعكاس لجملة من الأحداث السياسية والتاريخية التي عاشتها المنطقة فالقصيدة بنمطها الكلاسيكي كانت عاجزة عن استيعاب ما يحدث بينما قصيدة الحداثة ذهبت إلى ابعد من ذلك مع تطور الفكر (تكنولوجيا المعلومات) والى ما هنالك من أمور أخرى موازية لذلك التطور كان للشعر الحصة الأكبر لأنه لسان حال الطبقة المثقفة، الكثيرين حاولوا ترويض الشعر (الشعراء الرسميين) لكنهم فشلوا في ذلك، فالشعر دائما يسبق الوعي السائد في المجتمع ويتنبأ بأحداث ستجري في المستقبل، مثلا عندما كتب "ادونيس" قصيدته (مقبرة نيويورك) تنبأ بأن حدثا ما سيصيب نيويورك وكانت بالفعل أحداث الحادي عشر من أيلول، فانا افهم من الحداثة أنها حرية كاملة في كتابة النص أو القصيدة دون تقييد بما هو تقليدي وجاف بالتالي كل قصيدة عندي هي ذهاب نحو آفاق معرفية وفكرية جديدة أي كتابة ما هو غير مكتوب شعريا. * كيف يمكن تقييم المشهد الشعري في "الحسكة"؟ ** هناك من يكتب قصيدة تجلب التصفيق بسرعة وهم الآن معروفون في "الحسكة" وهؤلاء سينتهون مع الزمن الذي يعيشونه وما يؤكد كلامي هذا أنه قبل ثلاثين عاما كان هناك المئات ممن يكتبون الشعر، لكن الذي حصل أن من بينهم أسماء قليلة وصلت إلى العالمية وأخذت شهرة واسعة في العالم، كالكاتب "سليم بركات" مثلا، من جهة أخرى هناك العديد ممن يكتبون نصوصا جيدة لكنهم بعيدون عن جو الأمسيات الشعرية مثلا "دلدار فلمز" برأيي شاعر مهم له مجموعة مطبوعة ومهمة جدا وأخرى قيد الطبع وهو معروف على مستوى الوطن العربي، تنشر قصائده في أفضل الدوريات العربية لكن القليلون منا يعرفونه في الوسط الثقافي بـ"الحسكة" أو قرؤوا له. ** هل يمكن فهم غياب دور النقد في الارتقاء بالتجارب الصاعدة بما يبرره؟ لا شك أن غياب النقد يجعل الأمور متداخلة ويصعب على المتلقي فرز الشعر من اللاشعر وبالتالي هذا يضر بالمواهب الحقيقية في الشعر، النص بحاجة إلى أن يخدم من قبل النقاد ومن اجل إيصال محتواه الحقيقي وتوجيهه نحو مساراته الصحيحة وهناك الكثير من المواهب التي هي بأمسّ الحاجة إلى ناقد مجتهد وذكي يفهم قيمة النص والإبداع، والمعروف أن النص دائما يسبق النقد بمئة عام وبالتالي فان الناقد الحالي لم يفهم بعد قيمة النص ومكامن جماليته وآلية كتابته بغض النظر عن اسم صاحب النص. * متى يصبح الشعر مشروعا؟ ** عندما تتكون أرضية معينة من الوعي والثقافة عند عامة الناس، وعندما تعطى للشعر قيمته الحقيقية من قبل القائمين عليه (المؤسسات الثقافية). بقي أن نذكر أن الشاعر "محمد رفي" من مواليد 1969 قرية "كركفتار" التي تبعد 35 كم عن "الحسكة"، درس الأدب العربي في جامعة "حلب"، يكتب وينشر قصائده في الدوريات المحلية والعربية، ساهم في تأسيس ملتقى أدباء جامعة "حلب" عام 1990، حصل على جائزة 1992 على مستوى جامعة "حلب"، له اهتمامات في التصوير الفوتوغرافي، له مخطوط شعري قيد الطبع سيصدر في بداية 2010.
eHasakeh