١‏/١٢‏/٢٠٠٩

كزال أحمد:مئة عام وأنا في شوق إليك...(رسالة إلى جكرخوين)  ترجمة: صلاح برواري.
 حين يغدو قلبي قرية "هه سار"(1) ومرتعاً لطفولتكَ، تطيرُ فتوّتكَ صوبَ "عامودا" وعلى جناح ريح الشَّمال!. حين أودّ التقاطكَ بين ضفائر "ديار بكر"، تعِدُني في مقهى قصيدةٍ في "سنه"!. عندما أتصوَّرُكَ حمامة رخيمة الهديل أمام نافذة مدرسةٍ وديعة في "السليمانية"... ألمحكَ جنبَ نافورةٍ تتوسط باحة داركَ، بمحاذاةِ قبركَ تنظمُ سبحة وحدانيّةِ الكُرد في القامشلي، وبسرعةٍ... بسرعة تتداعى إليكَ تحياتُ فتيةِ وفتياتِ جامعةِ بغداد. جئتكَ ذات صباح أحملُ إليك باقة وردٍ من "بارك آزادي"(2) مضمّخة بعطر فتياتٍ نجلاوات، جلتُ في غرفتكَ لمستُ صحونكَ وملاعقكَ وملابسكَ المُغبَرّة، تملكني الشوقُ إليك فوقفتُ واجمة أمامَ قدح ماءٍ لكَ، وانفجرتُ باكية!. مئة عام... وفرصة لقياكَ قد فاتتني!. منذ زمن... لم تنحدِر وسط ظلِّ جادةٍ سويدية و لم تكتب أنشودةً. غرفتكَ لم ترَكَ، وهي على بُعدِ خطوةٍ منكَ!. مئة عام... وأنا في شوق إليك، مئة عام... حينَ أفكرُ في الأمر يتملكني شَجَنٌ، و يرفعُني شكٌ كبَيرَق. كلماتكَ ليست إرهاباً ولا أفيوناً، لذا... وفي هجيع ليلةٍ لم تمَرَّر إلينا قصيدةُ حُزن لك!. حين كنتَ هنا، لم أكن أنا قد أبصرتُ الوجودَ بعدُ. وحين كنتُ على قبركَ، كنتَ غارقاً في الموت وقد نسيتَ الحياة تماماً!. كأني أشتاقكَ منذ مئة عام و قد ضعتَ مني... منذ مئة عام!. (2003)
1- هه سار: هي قرية الشاعر الكردي الكبير(جكرخوين) ومحل ولادته، تقع في شَمال كردستان. (عامودا، ديار بكر، سنه، السليمانية، القامشلي): مدن كردية معروفة. عامودا والقامشلي: تقعان في غرب كردستان. ديار بكر،أو بالأحرى ديار باكر- أي موطن النحاس (باكر: تعني النحاس في اللغة التركية): هي تسمية تركية حديثة لمدينة (آمَد) العريقة في شمال كردستان، (ولا علاقة للتسمية بقبيلة بكر بن وائل العربية، كما يعتقد البعض). سنه (أو سنندج): تقع في شرق كردستان. السليمانية: تقع في جنوب كردستان. 2- بارك آزادي: أجمل وأشهر حديقة في مدينة السليمانية، شُيِّدت على أنقاض حامية السليمانية العسكرية (في زمن البعث المقبور)، حيث كانت مكاناً للمقابر الجماعية للشباب الكرد، الذين كانوا يُعتقلون ويُعذبون ومن ثم يُعدَمون ويُدفنون هناك. ملاحظة: كتبت الشاعرة كزال قصيدتها هذه في الذكرى المئوية لولادة الشاعر الكبير (جكرخوين).
الاتحاد.