إبراهيم حسو: شعراء على الطريق-مرام اسلامبولي- المعنى متشققاً مكشوفاً رسم بالكلمات «إبداعات جيل جديد». تأتي شعرية مرام اسلامبولي من زحمة الأضداد, و ما يلحقها من تقرّحاتٍ وتشّعباتِ الكلمةِ نفسها, الأضدادُ ليست في ترادفِ الكلمةِ, أو ما يعكسها دلالياً, بل بما تحملُ الكلمةُ من تجاور للمجاز البلاغي, و من هنا تأتي المجازات ذهنية ذات تركيبةٍ اختزاليةٍ, كتابة مرام الشعرية نابعةٌ من تقّرحٍ في ذاتيتها, من هشاشة متأزمة في أناها التي تستفهم كثيراً عن عوالمها, و تصرخ بكل جوانحها في وجهِ الحياة التي لا تستطيع أن تجابهها جسديا, فالشعر خيارها و خلاصها, والكلمات أرضها الموعودة, واللغة سماؤها القادمة (حتى الجبالَ تنحني في انحداراتٍ تكملُ وقوفَها) تستهلك مرام أدواتها الكتابية في التنقيب عن جذور المعنى, عن ضوابط لغوية تربط بين صورة و أخرى, بين جملة اسمية أو فعلية تتجّذر المعاني أو ُتضغط أو ُتؤسر دون أن تتشخّصَ أو تتمّظهرَ, هي ماضيةَ في البحث عن تفسيرات ما, عن تعريفات ما , عن تفاصيل خفية تقّربها من أناها التي تتجذر بدورها في التشبيهات الإيحائية و التطابقات اللفظية (سَتُبعَثُ كاملاً جميلاً نورُ قيامتِكَ يطفئ أوكارَ سوادِهم ) شعريةُ مرام قائمةٌ على إبرامِ صداقاتٍ مع عصبة من أفكارٍ شعرية , بلغةٍ هادئةٍ و إن بدا الهدوء نوعاً من التراخي, أو شيئاً من انفعالاتٍ داخلية حٌسّية أكثر مما هي تعبيرية محضة . كلَّما تفقَّدَ الكونُ أرواحَهُ - 1 - كلَّما تفقَّدَ الكونُ أرواحَهُ، تئنُّ روحٌ ذوَّبتُها غصباً في روحي .. **** ويعلو من تحتِ الترابِ صراخٌ : لو أنهم جمعوا دموعَ النادبينَ في قارورةٍ تؤنسُ الرقودَ الأخيرْ... ***** لو أنَّ المرايا تحفظُ كلَّ الوجوهِ التي بدلناها ، لارتفعتْ سحبٌ عن كتفيّ ، وانتبهتُ أن الجبالَ حتى الجبالَ تنحني في انحداراتٍ تكملُ وقوفَها... ***** لو أن البحرَ قد فكَّرَ بعدُ قليلاً .. لاتّسعَتْ جزرٌ وتساءلَ الغرقى: كيف ْ!؟ كيف َ.. لا يختنقُ الناسُ بالهواءْ !!؟؟ - 2 - سَتُجمعُ الأشلاءُ في السماءْ فلا تخافْ؛ سَتُبعَثُ كاملاً جميلاً نورُ قيامتِكَ يطفئ أوكارَ سوادِهم فَلا تخافْ؛ سَتُجمعُ الأشلاءُ في السماءْ لِسائلٍ عن مِزقَةٍ حمراءَ بين الأنقاضْ ؛ هي القلبُ منهُ مازال يخفقُ كانتفاضِِ عصفورٍ قتيلْ .. فتِّشْ عن الأصابعِ عن الجبينْ قبِّلهُ و ارشفْ منه السماءْ... - 3 - على كفوفِ الياسمينْ جسدٌ مطمئنٌ يمضي سيمهلُنا موتاً... موتين... أكثرْ...؟؟!! على كفوفِ الياسمينِ مِزَقٌ رشمَتْ وجهَ السماءْ فاستدارَ قمرٌ وأضربَ عند الفجرِ عن الغيابْ. أَلنْ يمرَّ دربٌ من هنا؟!! ألن تفكَّ الريحُ عن عينيهِ شهقةً جَمُدَتْ فجمُدَ الفتى...؟! حمراءُ كفوفِ الياسمينْ!!! حمراءُ كفوفِ الياسمينْ!!!الأثنين 16-11-2009 جريدة الثّورة السوريّة.