٢٢‏/٨‏/٢٠٠٩

ريبر يوسف: وردة اللاوعي الثانيتان الأخيرتان في حياة مصطفى محمد .  كم عينٍ تبدو في الوردة هذه إذ تقافزُ بين مفاصل الأحداق أستطيع أن أجزم بأنها لم تتمدّدْ في اللغة قط .. لم تطرقْ أبواب ساعتي الفجريةِ. والدجاجةُ التي ذُبحتْ عند عتبة سكينتها ترقصُ على وريدٍ واحدٍ ـ وريدِ الليلِ تُفرَغُ حتى من زجاجها العينَ السّحرية، أشرئبُّ بقدميَّ من على السطح المكلّس أرى بحصوة كلْيتي تقف خارج تغطية البابِ، القرميدُ كما هو هادئاً بقيَ في دمي، الدَّركة الثالثة لم أطأها. دليلٌ نائمٌ في كبد ذاكرته. حلزونيةٌ إذ تتداكن ببيتي الشوارعُ.. تنتهي عند نافذة مرحاضي. الضوءُ بارعٌ، لا أسمعُ مخيلته لأنَّ الشرّاقَ الصغيرَ يُقصقِصُ انشغالَ أحدِ الأشخاص بقيدِ الكون. كم عيناً تبدو في الوردة هذه على سطح عادلٍ، عازلٍ، عاذلٍ لا تبدو كما هي الأشياءُ في الطابق الأخير. ألقٌ جالسٌ كهلٌ على كرسيٍّ لدِنِيِّ حليبيِّ اللونِ، طفلُ الخدماتِ يُهجّئُ هواء أزراركَ وخيوطُ سترتي النافورةُ تجتَرُّ صَوّاتاتِ العرباتِ، الآليّة لا تقلقْ على الرمل؛ الأمرُ شبيهٌ بعمليّةٍ حسابيّةٍ كأنّكَ ترشفُ القهوة من صحن الكبريت. " كنتُ واحداً أغيّرُ إقامة السّتارةِ داخل غرفتي متى شئتُ " تقول. لكن لو ابتعتُ ذاك التمثال يا صديقي، هزلٌ تحت إبط كأس أنقى مما تتصورها العينُ. الكائن الوقّادُ مؤرّخُ اللون بباطن تلّةِ غيبٍ تدحرج نحو رقبة البائع رأسَ ابنه والفتاة التي مرّتْ لم تنظر إلى القبو الغضّ .. يُحفَرُ هنا لعدة أمتار تتحول الجهاتُ جدّاتٍ. البائعُ يتوجس بأغنية تحكُّ نظرات شرارٍ بقطرةٍ لطيفةٍ مثل صلب مسنَّنٍ تتعرف إليه للتو متفقداً إطارَ سيارته الثالثَ، حتى أن سترتي بقيت مجعَّدة في لونها الأخضر داخل كيسٍ أنيقٍ هذا ما همستْ به لعامل تنضيد الأحذية القطةُ البرتقالية. قليلاً من الأوراق المتكوّرة ضعها ها هنا في التمثال مقلوباً، الجبصينُ يمنح نبتةَ الالتفات بريقاً طفلاً، يقول البائعُ هذا لأنكَ تتساءل عن نرجسية الأماكن المغلقة. البديلُ مقصُّ الحكمة. " ربما أحتاجُ إلى اتصال إضافيّ ". سأُوجِزُ الفيافي بين فنجاني وهذي النافورةِ. لو ابتعتُ ذاك التمثال يا صديقي لما كانت معتَّقةً أكثرَ بئرُ الكلام. لما لا تأكلُ ( الماريّا )، تردُّ على هاتفي الموضوع على التلفزيون هذا الرقمُ الشخصُ ... حدثْتك عنه. تبتعد السيارة عن بيتي نحو طابقه الرابع. نومٌ في سِدرة الصبحِ، عَلفُ الشمسِ يتصدّع في حظيرة الشمعة. الشمعة المطفأةُ بيتٌ يتأهَّبُ للسكنى. تختفي اليدُ، يدي في بابٍ يلتقطُ لكَ صوراً عبر الموبايل تتصفّح قرونَ الأدب (النساء الصغيرات) لا توائمَ لكَ يستندون إلى الوضع النهاريّ، داخل إعدادات الصُّور، إذ تغزو الغرفةَ بملعقة تصفيةِ البطاطا من زيت المكان، تقدِّم إلى ظهر الأرض سائلَ الاستقبال. أبي لم يكن نائماً وكذلك تساءلَ والدُ صديقنا ـ أمير، عن رباطِ حذائِكَ .. حذاءِ اليقين. لما لا نخبئ جميعاً أحذيةَ أعشابنا في حشوة الباب، عن حشوة الباب نبحثُ عن بعض الأسماء .. ترمي أنتَ بجوربيَّ في (الخابور ) .. نصرخ في هدأة الهواء " أأقف هنا " يقول سائق التاكسي . كان المكان هذا لتصليح الـ ( VCD ) سأوقظُ خالي، " دعهُ " ، سأدعه .. لا أدري ؟ ! وهاكَ أجهزة التحكم بالأصواتِ لنغيب أو ربما لنحْضرَ في الـ ( Soprano ) لن نتحدث عن البهاء ونحن نرنو إليه. كل شبيهٍ يكرّر حركة المَجد ليصفعَ بباطن قدمه نقاطَ الماء التي تسقط عن سماء أحد الأصوات. فلا تخفْ إذ يطرق بابَ الطنجرةِ أحَدُهم ولا تختبئ لن تكتشف المنغّصاتُ خزانةَ من يبصرُ بحكمة السماء. وابتعدتَّ بالهاتف نحو طابقك الثالث. لأنكَ لم تضغط على الجرسِ بلسان المزهرية، فتحت النافذةُ في وجهكَ غرفتَها. لا أتحسسُ جزيئات الأوكسيجين في أنفِ أحجار الرخام. تتحدّثُ عن الجمال القاسي لإسبانيا والغزالةِ المتمددة في ساحة مصارعة الثيران. لوركا .. الأسرعُ من سرَّة الحياة. تأمّلْ هذه الساقية زملائي في الابتدائية سألوني عن المقعد الذي يرتجف على ركبتي اليمنى لم تعد الدكاكين كما كانت عليه قبل ( 35 ثانية ) إنها أسرعُ من الملامحِ هذي الموسيقى، لنأخذِ الذبابةَ إلى سقفها ربما أعود إليك بعد عشر دقائق .. مكالمة أخرى لك وغبنا في طابق الحياة الثاني. لم أتقصّد العدْوَ في الفعل المضارع أو الاختباء عن الموت بَرْقاً والحبلُ متدلٍّ من سقف غرفتي ـ الحبلُ الذي حزمَ كُتُبَ صديقي. لكنْ لو لم أتأخّر ( 12 دقيقة ) .... حسكة 2006 2 في تربة قبره ـ صديقي المنتحر، شجرةٌ خضراء جداً كأنها نمت طوال الليل إنها تتمةُ حديثٍ دار بيننا قامشلي 2009 3 أنا هاجس غيري وقلقي كونيٌّ. إسطنبول 2009 .
مصطفى محمد: شاعر كردي من سوريا 1979 ـ 2006. شوهدَ ميتاً في منور بناية بمدينة حلب، وعُثِرَ في جيبه على قصاصة مكتوب فيها بأنه ينهي حياته بقراره. له أربع مخطوطات شعرية.
عن- سما كورد. نت