٨‏/٧‏/٢٠٠٩

 


الفنان السوري   شيرزان
على العموم أنا الى الآن لا أحب أياً من لوحاتي , ولذلك أنا لست محتفظاً بأي لوحة رسمتها

جوان تتر
(شيرزان)
, حتى الاسم يوحي بغرابة , , مَسرح طَلق , حركاتٌ مثيرة للجَدَل والفَزَع
أحياناً , آراء خاصّة تشوبها الغرابة , شَخصٌ يَملُك رؤيةً واضِحة
للأَشياء , , انتقاداتُهُ تكون مَدروسة في الذّهن  ولَكن لَحَظةَ الإِدلاء
بهذهِ الانتقادات تكون ممزوجة بكوميديا يمكن وصفها بالسوداء لأنها تعري
الواقع وتكشف الحقيقة , , يمكن وصف شخصية شيرزان بالعبثية , , يرسم قليلاً
, يتجه نحو الديكور , التمثيل الارتجالي , يتوقف عن الرسم , يهجر الديكور
ثم يتابعه وخلال فترة الهدوء  لا يتوقف العقل ولا تتوقف الذائقة عن الرسم
داخل المخيلة (ذلك الصندوق الخفي ) .
*أسماء تشكيلية كثيرة في سوريا ومراحل متعددة للفن السوري , الآن برأيك إلى أين وصلت الحركة التشكيلية في سوريا ؟
وصلت
إلى حالة من الجمع , الجمع بين الألوان , الفنان يفرغ اللون على القماش ,
اللوحة لا تخرج عن إطار العادات والتقاليد , هناك حالة من الضياع . انظر :
التشكيل مرتبط برؤية الفنان وشكله , لكي ترسم هناك أمور تقف عائقاً ,
فالقلم في جيب القميص , والهاتف النقال على جانب البنطلون ( وغيرها من
الأمور الغير جميلة تؤثر على الرسم ) , علاقة الشكل مرتبطة بكل شيء , شكل
اللباس , شكل العادات , شكل الأبنية ,تصاميم الأغلفة , الأدبية والتجاريّة
, بل وحتى شكل الإنسان , تعامل الفرد مع اللوحة , ومنظر تلك اللوحة , ثمة
فقر تشكيلي على العموم , أجل الأسماء كثيرة لكن ثمة علاقة مفقودة  ,
اللوحة التشكيلية في سوريا إن كانت متطورة هذا يعني أن شكل البناء سوف
يتطور , التشكيل الآن في طور المتعة , الفنان السوري يرسم فقط لملئ الوقت
. لا إضافات إلى الفن بل مجرد تكرار .
*هل من المعقول هذا الكم الهائل من الأسماء و لايوجد أحد من بينهم فناناً حقيقياً  ؟
لا
, أي خدمة جمالية يقدمونها , هناك أمور مهمة :  الصفقات التي تحدث في
المعارض , الجرائد التي تغطي هذه المعارض أضف إلى ذلك طريقة الإعلان عن
المعرض , حتى شكل الجريدة مهم , اعني هناك دور كلي في الفشل , عندما تقول
( كم هائل من الأسماء ) التشكيلية ,نتساءل أين الرقص كحركة مساوية لحركة
التشكيل , أين الديكور والإضاءة في المسرح , والمسلسلات , شكل الحوار ,
شكل الممثلين ,
الفشل في التشكيل لايظهر بوضوح من خلال اللوحة إنما من خلال الحركات التي تكلمنا عنها . عن نمط اللباس والتصاميم التي تظهر .
الفنان
هنا عندما يضحك هو يضحك ضمنياً على الوضع التشكيلي لأن الفنان الذي ليس
بمقدوره تقديم شيء جديد ليس بإمكانه الضحك بل إنه لايستطيع التأقلم  مع أي
شيء
*كيف تقيّم اللوحة ,  على أساس اللون , أم معنى اللوحة ؟
لا معنى للوحة , هنا ثمة مغالطة كبيرة , فاللوحة تشبه القطعة الموسيقية تماماً , كل إنسان ينظر إليها
 عبرَ _ وبمساعدة _  المفهوم المتشكّل لديه , والثقافة التي اكتسبها طوال حياته  ,
*كيف تنظر إلى اللوحة الآن ؟
اللوحة
الآن تُرْسَم  بعيداً عن التسميات وبمعزل عن أي مدرسة , المهم  ماذا
تستطيع اللوحة أن تقدمه في هذا الفضاء سواءً من حركة أو لون , ليس من
الضروري أن تكون معبرة عن فكرة ما  تكون مشروحة , اللوحة من غير الممكن
شرحها , الحكَم هنا مدى قوة  الشكل في اللوحة , بمعنى أن يكون ثمة شيء
جديد في هذا الفضاء الأبيض المربع , في الوقت الذي تفتقد فيه اللوحة 
الشكل واللون , هناك نوع من التقليدية, حيث سبق وأن تم رسم هذه الأشكال
وبالألوان ذاتها , هناك تكرار وما من إضافاتٍ يمكن ذكرها أو تجعلنا ننتبه
إلى اللوحة الحاليّة.
*هناك أمر غريب لديك هو ترك اللوحة في المنتصف ؟ السبب ؟ هل هو تهرُّب من اللوحة ؟
أشعر
أن ما أرسمه مكرر  لذا أدع اللوحة وشأنها , ثم أعود إليها مرة أخرى , هناك
أمر مهم : أنا الآن في طور التجريب , التجريب لكي أتمكن من تقديم شيء يكون
بمثابة إضافة الى الفن , الفن المتحجّر في الراهن , أن أرسمَ  أشكال جديدة
على المستويين اللوني والشكلي ,أهرب من اللوحة ثم أعود متغلباً على الخوف
فإن حَدَثَ و تغلبت على النقائص , لحظتها أستطيع عرض اللوحة ( لوحتي ) _
على العموم أنا الى الآن لا أحب أياً من لوحاتي , ولذلك أنا لست محتفظاً
بأي لوحة رسمتها  , أنا مستمر  ولكن من  الممكن أن لا أنتج أي لوحة بالشكل
الذي أرغب به . بالشكل الذي هو بالأساس كامن في مخيلتي ,أخوض حالياً تجارب
ويمكنني القول أنها تجارب مفتوحة ولا أعلم أين ستتوقف , أحاول أن أوصل
اللوحة الى شكل غير مألوف ,_ شكل غير مألوف _ لا أقصد أن تكون اللوحة
غريبة فقط بل معبرة بدقة فائقة عن مكنوناتي العميقة , لا أرسم لأعرض, 
ليست هذه مشكلتي,  بل ارسم للبحث , ولا اعلم الى أين يصل هذا البحث ومتى 
ينتهي .
*كيف يمكن شرح العلاقة بين الرسم والحياة , اللون والحياة ؟
التشكيل
يدخل في كل جوانب الحياة كما قلتُ سابقاً , ولكن هنا على صعيد مجتمعنا نحن
فان التشكيل لم يتطرق الى كل الجوانب,  ثمة نقص , يمكن القول أنه دخل ولكن
بطريقة قاسية حيث تلاحظ أن اللوحة ضاجّة بالزيادات وذلك مايؤثر سلباً على
حال الأبنية والديكورات لدينا , النوافذ , الكراسي .. إلخ ,  الألوان
الفاقعة , التشكيل هنا لم يخدم العلاقة القائمة بينها وبين الحياة .
*الفنان الهارب من مجتمعه الى أوروبا , هل من الممكن القول أن مكوثه أثر على تجاربه من خلال الاطلّاع على الغرب عن قرب ؟
الفنان
يتأثر عندما يملك عين نظيفة وعقل يستوعب الجديد , من الممكن أن لايرى
الفنان المهاجر الجماليات التشكيلية الأوروبية في حين أنه من الممكن أن
يرى وفي هذه الفوضى من البناء والهدم  , شيئاً ذا قيمة أو فكرة يعمل عليها
, يطورها بشكل مختلف ومعالجة مختلفة , الأمر متوقف على الفنان , على رؤيته
, على خبرته .
*هل يمكن القول أنه تم الاستفادة ؟
هناك خلاف بسيط , الفنان يبقى فناناً , أين يقيم , البيئة التي تحيطه , تلك أمور ثانوية لحدِ ما .
*أي من المدارس التشكيلية أقربَ إليك ؟
(يضحك
) مدرسة رابعة العدوية ( حيث مدرسة رابعة العدوية مدرسة ابتدائيّة  تقع
جانب منزل شيرزان ) , ويتابع : المدارس كلها تابعة لبعض ومتوالدة من بعض ,
أنا أحب اللوحة , أنا مع اللوحة الحديثة .البساطة  , أحب اللوحة البسيطة. .
*اللون كيف تنظر إليه الآن ؟
اللون
حَالياً استُهلِك , أنا منزعج من اللون كونَهُ ابتعد عن معناه الحقيقي ,
أخشى أن تبتعد اللوحة إلى درجة أن تُفنى بسبب استهلاكية اللون ورداءته ,
الفنان يجب أن يوسّع مداركه .
*أنت لا تُحِبُّ المَعارض ؟
لا أحب
المعارض كون طريقة العرض أرفُضها لأنها غير مقبولة بالنسبة لي  , اللوحة
تُشنَق وهي تُعرَض , مؤخراً قررت إقامة معرض , لكن بعد رؤيتي للمكان خفت
من اللون ( لون الصالات السورية , المحلية والأجنبية ) لون الجدران ,
طريقة العرض , هناك اعتداء على اللوحة . المتلقي هنا مسكين ليست لديه
القدرة على التأمل في اللوحة أساساً ولا يستطيع التمييز , الثقافة
التشكيلية هنا قليلة .
*تقييم اللوحة لديك على الصعيد الشخصي ؟
اللوحة
لم يعد لها معنى , لذلك يجب أن تخرج عن إطارها , اللوحة الآن في حالة
تكرار , إضافة إلى أن هناك خطاً في التقييم , لو أن هناك بالفعل حركة
تشكيلية متميزة لتغير شكل البلد,  اللباس , شكل البناء والأفكار  , شكل
الأغلفة, عموماً هناك قُصور في التشكيل  وهذا منعكس على كل شيء .
*لكن , هنا ليس ذنب الفنان أن يكون شكل البناء واللبس والأغلفة غير جيدة ؟
أجل
ليس ذنب الفنان , ولكن هل يوجد ذلك الفنان الذي يكون واعياً ليستطيع أن
يقدم شيئاً يحرّك هذا الجمود الحالي في كل المجالات , أعني أنّ ذلك الكم
الهائل من الأسماء كلها  مشتركة فيما آلت إليه الأشياء من سوءٍ في الشكل ,
وإن وجد الفنان القادر على التغيير فمن المؤكد أنه لن يكون من بين تلك
الأسماء الكثيرة .
عن: tirej.net