٤‏/٧‏/٢٠٠٩


عبد اللطيف الحسيني     
قراءة في عنوان المجموعة الشعرية ( وادي الديازيبام ) للشاعر عبد الرحمن عفيف
(ديازيبام) نوع حبوب مهدئة الأعصاب . خاصة لمرضى الفصام. وكما في كلّ كلمة . فإنّ الكلمة تخرج من معناها الطبي . أو تنزاح من معناها إلى معنى ثانٍ أكثر نباهة من جمود المعنى الطبي .و في ذلك بلاغة : أنّ الشعر يغيّر كلَّ شيء . وهذا صراحة أنّ ( بطل ) المجموعة تناول كفاية تلك الحبوب . وإلا لما استطاعَ كتابة الديوان بهذا التضخم الشعري . و عندي : أنّ الشاعر ما تناول أية منها . بل ترجم (ترجمان الأشواق و الفتوحات المكية وابن الفارض , والكثير من النص الصوفي المرن) . وكان الشاعرُ مغرما بها حين كان في مهبط الروح –عامودا- ( وهذه ملاحظة شخصية لن أتعداها إلى أخرى ) كانت بداية ( الديازيبام ) بشكل خجول في المجموعة الأولى له : ( نجوم مؤلمة تحت رأسي ) و توضحَ المعنى في الثانية التي كانتْ تتحرى جزئيات عشق: ( رنين الفجر على الأرض ) . إلى درجة أنّ بالإمكان وضع بعض نصوص الثانية في المجموعة الثالثة هذه . والعكس صحيح . هذا أولا. وثانيا أن العنوانَ عتبة المجموعة التي تدخل القارئ إلى نصوص , كلها ( ديازيبام ) . وتفاصيل العاشق الذي وصل به الأمرُ إلى ما وصل إلى ( الضحكة الشجرية ) . هذه المجموعة تؤكد أنّ الشعر غامر للوصول إلى أقصى حالات هموم الفرد . والبعد إلى أقصى حدٍّ أيضا إلى قضايا لا علافه لها بالجماعات . عتبة العنوان تحيلُ القارئ إلى انكسارات العاشق الذي غرم بالعناوين الموازية لكل نص في ثنايا نصوص المجموعة التي تعد أكثر تصوفا . أو أكثر ( ديازيباما ) – إن شاء المتابع لوادي ديازيبام . وكان بودي القول : ليس بإمكاننا متابعة المجموعة ما لم نتقرَ العنوان الموازي لنصوص المجموعة . فالعنوان لا يصرح, بل يلمح إلى ما ستقوله نصوصُ الديوان الذي يقرأ مرافقا للوحة الغلاف (بشار العيسى) . وكأني به صادق النصوص فأنجز اللوحة الديازيبامية . إنَ تداخل نصوص الديوان مع نصوص التصوف الإسلامي كفيل بتداخل أقلّ من حيث العنوان ( وادي عبقر – وادي الجن ) حيث في تلك الوديان التي تأتي إليها شياطين الشعر متشظية . من هنا أفهمُ أنّ كتابة هذا النوع من الشعر لا يُكتبُ في منبت الشاعر, وإنما يضيِّع الشاعر نفسه في كلّ اتجاه كي يتمكن من الكتابة, إنه نوعٌ من الهروب الشعري الذي يبتعد عن المكان كي يكتب عنه . بعد قراءة المجموعة توضح سؤالٌ: هل يمكن متابعة و كتابة تأملات عن المجموعة دون ديازيبام . أو هل ما كتب في الديوان وخاصة ( قصائد الديازيبام ) يكتفى بقراءة, سريعة , وعندي: يجب أن ( نقرأها قراءة ليلية ) فهو الوقت المناسب لفهمها . والترنم معها , وربما لنكون نحن من كتب (وادي الديازيبام ) لا عبد الرحمن عفيف .
alanabda9@gmail.com
التعليقات 2 على “قراءة في عنوان المجموعة الشعرية ( وادي الديازيبام ) للشاعر عبد الرحمن عفيف”
   1. إبراهيم إستنبولي علق:
      4 يوليو 2009 في الساعة 8:51 ص
      أشكرك يا أخي عبد اللطيف
      فقد قمت بما كنت أنوي القيام به على مدى سنة .. إذ قرأت ” وادي الديازيبام ” ( بفضل الصديق العزيز عماد الدين موسى مشكوراً ) .. و قد أعجبت بقصائد ذلك ” الوادي ” التي تغني المرء عن حبة ديازيبام أو بالعكس قد تضطره ليتناولها في زمن لا عشق فيه صوفياً كان او دنيوياً ..
      لم تكن مضطراً للتعريف الدقيق بعقار الديازيبام .ز مهدأ نفسي و كفى . ( ليس بالضرورة لمرضى الفصام أكثر من بعض حالات العُصاب .. خصوصاص عصاب القلق والخوف المرضي ..- هذا موضوع آخر ) .
      حقاً إن عبد الرحمن عفيف يستحق القراءة . و اللوحة على الغلاف تشدّ المرء بالتاكيد .
      شكراً
   2. عبداللطيف الحسيني علق:
      4 يوليو 2009 في الساعة 12:11 م
      إبراهيم إستنبولي : يحزنني أني كتبتُ ما كنتَ تنوي أنت كتابته عن الوادي العشقي ( ديازيبام ) , لو علمتُ لما كتبتُ لأتعرف على كتابتك النقدية . عموما , الشعر الحقيقي لا يُكتبُ عنه , ليس ثمة قدرة نقدية عليه لمواكبته , هكذا أظن , غير أني تناولتُ دراسة العنوان , و كان يمكن لغيري تناول المجموعة كاملة , و هذا ما سوفته أنا . قد أعودُ إلى النص لاحقا حين انتهائي من ملف ( محمود درويش ) و هو ملف كونيٌّ ( إنْ شئتَ ) أتمنى مشاركتك .
المصدر: www.doroob.com