٤‏/١‏/٢٠١٠

الحجحجيك - لدى نيل وفرات-
 
النيل والفرات: يجد القارئ مجموعة من القصص القصيرة في هذا الكتاب الذي يحمل طابعا فريداًً وأسلوبا متميزاً للشاعر والمترجم والكاتب الكردي السوري الذي يعيش حالياً في ألمانيا. هي في الحقيقة مشاهد واقعية ولقطات دوّنها الكاتب كما خرجت، طازجة وأليمة من بواطن خزانات الذاكرة التي تئن بحملها. سخرية مرّة تصبغ الأسلوب وتمنحه نكهة المصداقية الجارحة، وعرض لتفاصيل الأحداث بعشوائية الواقع الذي حدثت به، مما يشعر القارئ بأنها قاربت سياقها الفعلي وغير المركّب، وكأن الكاتب يعيد الحدث كشريط سينمائي وثائقي صورت وقائعه تصويراً حياً ومباشراً. هذا النوع من الكتابة في تركيبتها الخاصة تعطى الأولوية للتفاصيل المستعادة، وتترك للقارئ البحث عن المواضيع التي تعكسها أو تعبّر عنها. في نموذج لهذه السردية الخاصة، يكتب الراوي في أماكن متفرقة من مشهدياته العديدة: "كان ينبغي فقط أن نبقى لعدة أيام لكن الكون كله ثلج وليس هناك اتحاد سوفييتي بعد ولكن كل شيء يبدو روسياً"، "كنت اعتقد أن هذه الطائرة لن تبلغ كييف أبداً. وفي هذا الثلج العجيب الكبير كيف سمح لكم آباؤكم وأمهاتكم أن تسلكوا هذه الطرق المتعرجة، المزروعة بالمافيا الملثّمة وبالرشاشات الروسية وبالمهربين الذين يعطون حبوب الأسبيرين للحوامل". يعود الكاتب إلى ذكريات طفولته، ويضع عناوين لها مؤلمة في سخريتها، وساخرة في ألمها، فلقصة تطهيره، وحادثة سرقة العناقيد من أحد الكروم يضع عنوان واحد: "كم نحن مسرورون يا أمي...". وتحت عنوان "شفة أمينة بيضاء على ورقة الشعر"، يكتب عن أمينة التي "لا زالت تمشي في القامشلي معتنية بجمالها وتدوس على أوراق الشعر. إنها متباهية في معنى الحب وأظنها تتذكرك وتنساك كلما طاب للصيف وللشعر..". "الشعر السوري يحتاج أن يتخلص من الأبطال الزعران ويعود إلى بداياته عند حامد بدرخان ورياض الصالح حسين وطه خليل" يقول متحمساً: "لا أريد أن أستقبل الخريف في المانيا. أريد أن أستقبل الخريف في عامودا. أصبحت عاطفياً جداً بعد عشر سنوات في هانوفر". لكنه يقول في العودة: "ترتعش حياتي بالقرب من مفرق الحسكة وباتجاه عامودا بالقرب من الأواني المصنوعة من الطين الأحمر والزجاج الأخضر. أكون متعباً في الصيف وباصات العرب الشوايا والتخلّف تمرّ بي، وكأنني لا علاقة لي بكل العالم. أنظر في قلبي إلى الحب الذي صار أفعى في نهر الخابور".www.neelwafurat.com