١٧‏/٨‏/٢٠٠٩

الفنان السوري شيرزان: على العموم أنا الى الآن لا أحب أياً من لوحاتي , ولذلك أنا لست محتفظاً بأي لوحة رسمتها جوان تتر (شيرزان) , حتى الاسم يوحي بغرابة , , مَسرح طَلق , حركاتٌ مثيرة للجَدَل والفَزَع أحياناً , آراء خاصّة تشوبها الغرابة , شَخصٌ يَملُك رؤيةً واضِحة للأَشياء , , انتقاداتُهُ تكون مَدروسة في الذّهن ولَكن لَحَظةَ الإِدلاء بهذهِ الانتقادات تكون ممزوجة بكوميديا يمكن وصفها بالسوداء لأنها تعري الواقع وتكشف الحقيقة , , يمكن وصف شخصية شيرزان بالعبثية , , يرسم قليلاً , يتجه نحو الديكور , التمثيل الارتجالي , يتوقف عن الرسم , يهجر الديكور ثم يتابعه وخلال فترة الهدوء لا يتوقف العقل ولا تتوقف الذائقة عن الرسم داخل المخيلة (ذلك الصندوق الخفي ) . *أسماء تشكيلية كثيرة في سوريا ومراحل متعددة للفن السوري , الآن برأيك إلى أين وصلت الحركة التشكيلية في سوريا ؟ وصلت إلى حالة من الجمع , الجمع بين الألوان , الفنان يفرغ اللون على القماش , اللوحة لا تخرج عن إطار العادات والتقاليد , هناك حالة من الضياع . انظر : التشكيل مرتبط برؤية الفنان وشكله , لكي ترسم هناك أمور تقف عائقاً , فالقلم في جيب القميص , والهاتف النقال على جانب البنطلون ( وغيرها من الأمور الغير جميلة تؤثر على الرسم ) , علاقة الشكل مرتبطة بكل شيء , شكل اللباس , شكل العادات , شكل الأبنية ,تصاميم الأغلفة , الأدبية والتجاريّة , بل وحتى شكل الإنسان , تعامل الفرد مع اللوحة , ومنظر تلك اللوحة , ثمة فقر تشكيلي على العموم , أجل الأسماء كثيرة لكن ثمة علاقة مفقودة , اللوحة التشكيلية في سوريا إن كانت متطورة هذا يعني أن شكل البناء سوف يتطور , التشكيل الآن في طور المتعة , الفنان السوري يرسم فقط لملئ الوقت . لا إضافات إلى الفن بل مجرد تكرار . *هل من المعقول هذا الكم الهائل من الأسماء و لايوجد أحد من بينهم فناناً حقيقياً ؟ لا , أي خدمة جمالية يقدمونها , هناك أمور مهمة : الصفقات التي تحدث في المعارض , الجرائد التي تغطي هذه المعارض أضف إلى ذلك طريقة الإعلان عن المعرض , حتى شكل الجريدة مهم , اعني هناك دور كلي في الفشل , عندما تقول ( كم هائل من الأسماء ) التشكيلية ,نتساءل أين الرقص كحركة مساوية لحركة التشكيل , أين الديكور والإضاءة في المسرح , والمسلسلات , شكل الحوار , شكل الممثلين , الفشل في التشكيل لايظهر بوضوح من خلال اللوحة إنما من خلال الحركات التي تكلمنا عنها . عن نمط اللباس والتصاميم التي تظهر . الفنان هنا عندما يضحك هو يضحك ضمنياً على الوضع التشكيلي لأن الفنان الذي ليس بمقدوره تقديم شيء جديد ليس بإمكانه الضحك بل إنه لايستطيع التأقلم مع أي شيء *كيف تقيّم اللوحة , على أساس اللون , أم معنى اللوحة ؟ لا معنى للوحة , هنا ثمة مغالطة كبيرة , فاللوحة تشبه القطعة الموسيقية تماماً , كل إنسان ينظر إليها عبرَ _ وبمساعدة _ المفهوم المتشكّل لديه , والثقافة التي اكتسبها طوال حياته , *كيف تنظر إلى اللوحة الآن ؟ اللوحة الآن تُرْسَم بعيداً عن التسميات وبمعزل عن أي مدرسة , المهم ماذا تستطيع اللوحة أن تقدمه في هذا الفضاء سواءً من حركة أو لون , ليس من الضروري أن تكون معبرة عن فكرة ما تكون مشروحة , اللوحة من غير الممكن شرحها , الحكَم هنا مدى قوة الشكل في اللوحة , بمعنى أن يكون ثمة شيء جديد في هذا الفضاء الأبيض المربع , في الوقت الذي تفتقد فيه اللوحة الشكل واللون , هناك نوع من التقليدية, حيث سبق وأن تم رسم هذه الأشكال وبالألوان ذاتها , هناك تكرار وما من إضافاتٍ يمكن ذكرها أو تجعلنا ننتبه إلى اللوحة الحاليّة. *هناك أمر غريب لديك هو ترك اللوحة في المنتصف ؟ السبب ؟ هل هو تهرُّب من اللوحة ؟ أشعر أن ما أرسمه مكرر لذا أدع اللوحة وشأنها , ثم أعود إليها مرة أخرى , هناك أمر مهم : أنا الآن في طور التجريب , التجريب لكي أتمكن من تقديم شيء يكون بمثابة إضافة الى الفن , الفن المتحجّر في الراهن , أن أرسمَ أشكال جديدة على المستويين اللوني والشكلي ,أهرب من اللوحة ثم أعود متغلباً على الخوف فإن حَدَثَ و تغلبت على النقائص , لحظتها أستطيع عرض اللوحة ( لوحتي ) _ على العموم أنا الى الآن لا أحب أياً من لوحاتي , ولذلك أنا لست محتفظاً بأي لوحة رسمتها , أنا مستمر ولكن من الممكن أن لا أنتج أي لوحة بالشكل الذي أرغب به . بالشكل الذي هو بالأساس كامن في مخيلتي ,أخوض حالياً تجارب ويمكنني القول أنها تجارب مفتوحة ولا أعلم أين ستتوقف , أحاول أن أوصل اللوحة الى شكل غير مألوف ,_ شكل غير مألوف _ لا أقصد أن تكون اللوحة غريبة فقط بل معبرة بدقة فائقة عن مكنوناتي العميقة , لا أرسم لأعرض, ليست هذه مشكلتي, بل ارسم للبحث , ولا اعلم الى أين يصل هذا البحث ومتى ينتهي . *كيف يمكن شرح العلاقة بين الرسم والحياة , اللون والحياة ؟ التشكيل يدخل في كل جوانب الحياة كما قلتُ سابقاً , ولكن هنا على صعيد مجتمعنا نحن فان التشكيل لم يتطرق الى كل الجوانب, ثمة نقص , يمكن القول أنه دخل ولكن بطريقة قاسية حيث تلاحظ أن اللوحة ضاجّة بالزيادات وذلك مايؤثر سلباً على حال الأبنية والديكورات لدينا , النوافذ , الكراسي .. إلخ , الألوان الفاقعة , التشكيل هنا لم يخدم العلاقة القائمة بينها وبين الحياة . *الفنان الهارب من مجتمعه الى أوروبا , هل من الممكن القول أن مكوثه أثر على تجاربه من خلال الاطلّاع على الغرب عن قرب ؟ الفنان يتأثر عندما يملك عين نظيفة وعقل يستوعب الجديد , من الممكن أن لايرى الفنان المهاجر الجماليات التشكيلية الأوروبية في حين أنه من الممكن أن يرى وفي هذه الفوضى من البناء والهدم , شيئاً ذا قيمة أو فكرة يعمل عليها , يطورها بشكل مختلف ومعالجة مختلفة , الأمر متوقف على الفنان , على رؤيته , على خبرته . *هل يمكن القول أنه تم الاستفادة ؟ هناك خلاف بسيط , الفنان يبقى فناناً , أين يقيم , البيئة التي تحيطه , تلك أمور ثانوية لحدِ ما . *أي من المدارس التشكيلية أقربَ إليك ؟ (يضحك ) مدرسة رابعة العدوية ( حيث مدرسة رابعة العدوية مدرسة ابتدائيّة تقع جانب منزل شيرزان ) , ويتابع : المدارس كلها تابعة لبعض ومتوالدة من بعض , أنا أحب اللوحة , أنا مع اللوحة الحديثة .البساطة , أحب اللوحة البسيطة. . *اللون كيف تنظر إليه الآن ؟ اللون حَالياً استُهلِك , أنا منزعج من اللون كونَهُ ابتعد عن معناه الحقيقي , أخشى أن تبتعد اللوحة إلى درجة أن تُفنى بسبب استهلاكية اللون ورداءته , الفنان يجب أن يوسّع مداركه . *أنت لا تُحِبُّ المَعارض ؟ لا أحب المعارض كون طريقة العرض أرفُضها لأنها غير مقبولة بالنسبة لي , اللوحة تُشنَق وهي تُعرَض , مؤخراً قررت إقامة معرض , لكن بعد رؤيتي للمكان خفت من اللون ( لون الصالات السورية , المحلية والأجنبية ) لون الجدران , طريقة العرض , هناك اعتداء على اللوحة . المتلقي هنا مسكين ليست لديه القدرة على التأمل في اللوحة أساساً ولا يستطيع التمييز , الثقافة التشكيلية هنا قليلة . *تقييم اللوحة لديك على الصعيد الشخصي ؟ اللوحة لم يعد لها معنى , لذلك يجب أن تخرج عن إطارها , اللوحة الآن في حالة تكرار , إضافة إلى أن هناك خطاً في التقييم , لو أن هناك بالفعل حركة تشكيلية متميزة لتغير شكل البلد, اللباس , شكل البناء والأفكار , شكل الأغلفة, عموماً هناك قُصور في التشكيل وهذا منعكس على كل شيء . *لكن , هنا ليس ذنب الفنان أن يكون شكل البناء واللبس والأغلفة غير جيدة ؟ أجل ليس ذنب الفنان , ولكن هل يوجد ذلك الفنان الذي يكون واعياً ليستطيع أن يقدم شيئاً يحرّك هذا الجمود الحالي في كل المجالات , أعني أنّ ذلك الكم الهائل من الأسماء كلها مشتركة فيما آلت إليه الأشياء من سوءٍ في الشكل , وإن وجد الفنان القادر على التغيير فمن المؤكد أنه لن يكون من بين تلك الأسماء الكثيرة . عن: tirej.net