٣٠‏/٦‏/٢٠٠٩

تعليق على  "بشيري قلعو أو آخرون":
( لا تمش فى الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور  . واقصد فى مشيك واغضض من صوتك  )
كلنا بتنا (بشيري قلعو وشيربلّو) في هذه المدينة ( المقتولة ) . طبعا كلًّ شيء يتغيّر , بالأمس قلتُ : المدينة الميتة . واليومَ أقولُ : المدينة المقتولة , وأعي ما أقوله جيدا من خلال المعطيات  , لكنْ ,  لن أدخلَ في التفاصيل التي تخيفني قبل أيّ أحدٍ كان , مَنْ كان ؟ , بشيري قلعو لم يكنْ هكذا , بل نحن الذين نمتلكُ المعرفة و الأدوات الكافية كي نجعلَ إنسانا سويا إلى امرئ معتوه , نحن مَنْ ( جننَ و عتّه ) ما عندنا من هذه الأسماء . إنّ قائمة ( المحجور عليهم ) طويلة جدا . ولكلّ اسم من القائمة تلك سببٌ أكثرُ من جوهريٍّ جعله معتوها , الإنسانُ المقهور حين يتحولُ إلى معتوه لم يُقدّم له ما كان يبتغيه : ثمة فنانٌ خلاق عندنا بات معتوها , لأنّ محيطه لم يمنحه ( ريشة و إطارا وفضاءً كونيا للرسم ) لم يُقدم له ما أراده فجُنُّ . جنونه هو الفنُ بعظمته . هذا المعتوه لم يعدْ يبالي بشيء اسمُه ( فنّ ) بل بات عدوّا كونيا لشيء اسمه ( رسم ). هذه قدرتنا أنْ نحول فنانا خلاقا , كيانه لونٌ وحبٌّ و ابتهاج , نحوله بغمضة عينٍ إلى عدوّ كونيّ مُحطم للفنّ . ( وهذا ما يُرادُ منا أنْ نكونه , فكناه)
على ذكر ( بشيري قلعو) : سأترجمُ حالاته الآن : هذا الشخصُ يضعُ ( كانَ يضعُ ) يده على وجهه دائما , خشية عنف يستقبله على وجهه الملائكيّ , العنفُ الذي أقصده هو رميُه بحجر أو بحذاء غليظ . لم يكن يتكلم , بل كان يجيدُ الصراخ و الأنين الدائمين : (كأنهما لازمتاه ), ما رأيته إلإ مختبئا تحت جسور المدينة المقتولة . أية جسور : إنها قذارة الكون المرمية فيها . بشيري قلعو فضّل العيشَ تحت الجسور , يعني لي أنه فضّل القذارة على مَنْ عامله و يعامله بذاك العنف , (بهذا العنف ), كيف السبيلُ إلى فهم إنسان يحطمُ إنساناً , كيف السبيلُ إلى معرفة مَنْ قتلَ المدينة التي أعيش , ما أقسى الحياة إذن.
عبداللطيف الحسيني
alanabda9@gmail.com