٢١‏/٦‏/٢٠٠٩

قراءة في عنوان المجموعة الشعرية
وادي الديازيبام للشاعر عبد الرحمن عفيف
بقلم: عبداللطيف الحسيني
(ديازيبام) نوع حبوب مهدئة الأعصاب. خاصة لمرضى الفصام. وكما في كلّ كلمة. فإنّ الكلمة تخرج من معناها الطبي. أو تنزاح من معناها إلى معنى ثانٍ أكثر نباهة من جمود المعنى الطبي .و في ذلك بلاغة: أنّ الشعر يغيّر كلَّ شيء. وهذا صراحة أنّ (بطل) المجموعة تناول كفاية تلك الحبوب. وإلا لما استطاعَ كتابة الديوان بهذا التضخم الشعري. و عندي: أنّ الشاعر ما تناول أية منها .
بل ترجم (ترجمان الأشواق و الفتوحات المكية وابن الفارض والكثير من النص الصوفي المرن). وكان الشاعرُ مغرما بها حين كان في مهبط الروح –عامودا- (وهذه ملاحظة شخصية لن أتعداها إلى أخرى) كانت بداية (الديازيبام) بشكل خجول في المجموعة الأولى له: (نجوم مؤلمة تحت رأسي) و توضحَ المعنى في الثانية التي كانتْ تتحرى جزئيات عشق: (رنين الفجر على الأرض).
إلى درجة أنّ بالإمكان وضع بعض نصوص الثانية في المجموعة الثالثة هذه. والعكس صحيح هذا أولا. وثانيا أن العنوانَ عتبة المجموعة التي تدخل القارئ إلى نصوص , كلها ( ديازيبام ) . وتفاصيل العاشق الذي وصل به الأمرُ إلى ما وصل إلى (الضحكة الشجرية).
هذه المجموعة تؤكد أنّ الشعر غامر للوصول إلى أقصى حالات هموم الفرد. والبعد إلى أقصى حدٍّ أيضا إلى قضايا لا علافه لها بالجماعات . عتبة العنوان تحيلُ القارئ إلى انكسارات العاشق الذي غرم بالعناوين الموازية لكل نص في ثنايا نصوص المجموعة التي تعد أكثر تصوفا . أو أكثر (ديازيباما) – إن شاء المتابع لوادي ديازيبام.
وكان بودي القول : ليس بإمكاننا متابعة المجموعة ما لم نتقرَ العنوان الموازي لنصوص المجموعة . فالعنوان لا يصرح, بل يلمح إلى ما ستقوله نصوصُ الديوان الذي يقرأ مرافقا للوحة الغلاف (بشار العيسى). وكأني به صادق النصوص فأنجز اللوحة الديازيبامية . إنَ تداخل نصوص الديوان مع نصوص التصوف الإسلامي كفيل بتداخل أقلّ من حيث العنوان (وادي عبقر – وادي الجن) حيث في تلك الوديان التي تأتي إليها شياطين الشعر متشظية.
من هنا أفهمُ أنّ كتابة هذا النوع من الشعر لا يُكتبُ في منبت الشاعر, وإنما يضيِّع الشاعر نفسه في كلّ اتجاه كي يتمكن من الكتابة, إنه نوعٌ من الهروب الشعري الذي يبتعد عن المكان كي يكتب عنه. بعد قراءة المجموعة توضح سؤالٌ: هل يمكن متابعة و كتابة تأملات عن المجموعة دون ديازيبام . أو هل ما كتب في الديوان وخاصة (قصائد الديازيبام) يكتفى بقراءة, سريعة
وعندي: يجب أن (نقرأها قراءة ليلية) فهو الوقت المناسب لفهمها. والترنم معها وربما لنكون نحن من كتب (وادي الديازيبام) لا عبد الرحمن عفيف .